ذكرى المناهضين للعنصرية

03:15 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

قررت جمهورية الكونغو الديمقراطية، أن تستظل بإرث زعيمها التاريخي باتريس لومومبا في ذكرى استقلالها الستين، لما يمثله من رمزية لدى المناهضين للاستعمار والعنصرية، ولما لعبه من أدوار في الذود عن حرية بلاده وكرامة إفريقيا السوداء في مرحلة ما زالت مواقف الكثير من زعمائها تلهم الصحوة النامية ضد العبودية التي انطلقت شرارتها بمقتل الأمريكي جورج فلويد.

إحياء ذكرى الرعيل الأول من مقاومي العنصرية، يؤكد أن الحاجة الملحة إلى استعادة ذلك الفكر وتصوراته، وقياس طموحات رجال ذلك العصر بما تم إنجازه وتحقيقه حتى يومنا الراهن، في ما يتعلق بالمساواة والعدالة ونبذ الكراهية. وعند التمعن في الواقع الإنساني بعد عشرات السنين من الكفاح ضد الميز العنصري ونزعات التعالي والتفوق، تبدو الحقيقة محبطة جداً، فلو كان ذلك النضال أثمر شيئاً كبيراً، لما حدثت جريمة فلويد وغيرها في الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة، وفي إفريقيا أيضاً، التي ما زالت تشهد ورشة واسعة للاتجار بالبشر ونهب الثروات وتهريب المواد الخام والصفقات المجحفة والصراع بين القوى السياسية والاقتصادية الكبرى.

ويكاد وضع إفريقيا لا يختلف عمّا كان عليه تحت الوصاية الاستعمارية. وطالما أن الحال لم يتغير، تبدو الحاجة ملحة إلى العودة إلى الطروحات النضالية ليس للومومبا فحسب؛ بل لإرث الغاني نوامي نكروما والسينغالي ليوبولد سيدار سنغوروالجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، دون نسيان زعيم العرب الخالد جمال عبد الناصر، فكل هؤلاء الزعماء لديهم مآثر وسير تتوارثها الأجيال. وقد ثبت أنهم كانوا سابقين عصرهم حين انتفضوا على كل أشكال الاستعمار والعبودية، ودفعوا أثماناً باهظة لمواقفهم التحررية، وكلهم ذاقوا المنافي والسجون، بعضهم اغتيل بطريقة بشعة جداً مثل لومومبا الذي قتله البلجيكيون بوحشية لا توصف قبل أن يذيبوا جثمانه في حمض الكبريت .

مشهد قتل لومومبا لم يختلف عن جريمة اغتيال العشرات من الزعماء السود في مختلف أرجاء العالم، كما لم يختلف عن مقتل جورج فلويد في مينيابوليس الأمريكية، والقاتل في كل الحالات هو ذلك الإنسان الذي لا يؤمن بالقيم الإنسانية المشتركة، ولا يعترف بحق غيره في الحياة والحرية والتنفس. وقد أماطت هذه الصحوة ضد العبودية اللثام عن العديد من الوجوه وأسقطت الكثير من الأقنعة عن دول وشخصيات ومنظمات دولية اتخذت من مبادئ حقوق الإنسان مجرد مساحيق، بينما يستهدف رصاص ثقافتها الاستعمارية التظاهرات والمسيرات المناهضة للعنصرية في مدن أمريكية عدة، وهي ذات الأساليب التي اضطهدت دعاة التحرر أواسط القرن الماضي.

من طرائف التظاهر بقبول التغيير، تسابق الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب وخصمه جون بايدن في استقطاب النساء والسود في فريقي حملتيهما الانتخابيتين للإيهام بأن هذا الأمر، سيؤكد حسن النية في مكافحة العنصرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"