إنها المسؤولية

01:09 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد إبراهيم

تبدو جزاءات القانون وعقوباته لدى البعض قاسية وصارمة، وفي بعض الأحيان قد تكون صادمة لهم، ولكن نعتقد أن هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث في الأسباب والتداعيات والأهداف وراء تلك الأحكام التي وجدت من أجل حماية المجتمع وأفراده ومكتسباته، من بطش سلوكيات غير مسؤولة تضر بالجميع.

إن مزاولة التدريس الخاص بشكل مباشر في أماكن عامة أو خاصة، أو من خلال زيارات منزلية بمقابل أو بدونه، لجميع المراحل التعليمية، جريمة يعاقب عليها القانون الذي حدد لها غرامة 30 ألف درهم، ومن يقوم بتسهيل الدروس الخصوصية ويوفر لها المكان والزمان يرتكب أيضاً جريمة عقوبتها 20 ألف درهم، هكذا كانت كلمة القانون لمعاقبة المخالفين، ولكن لماذا جريمة؟ ولماذا وجدت لها عقوبة؟

الظروف الراهنة وتفشي فيروس «كوفيد ـ 19»، أبلغ إجابة عن هذا السؤال؛ إذ إن التدريس الخاص بشكل مباشر يفتقر إلى العديد من وسائل السلامة، ولا يلتزم بإجراءات الوقاية والمحافظة على صحة الطالب والمعلم وولي الأمر، ويدعو إلى التجمع والمخالطة ويسهل انتقال العدوى، والأخطر يكمن في عدم وجود بروتوكولات له من الأساس.

للأسف مازال لدينا بعض المعلمين محترفي الدروس الخصوصية الذين لا يبالون بخطورة الجائحة، فمن أجل دراهم نجدهم يخاطرون بحياتهم، ويهددون سلامة وأمن الآخرين، وهذا يدل على افتقارهم لثقافة التعامل مع الأزمة، وهنا تكمن أهمية المخالفات والغرامات «المستحدثة» التي جاءت لردع مخالفي الإجراءات والبروتوكولات الصحية في مجتمع التعليم.

في الواقع، إن تقاعس بعض أولياء الأمور عن متابعة أبنائهم وحثهم على الدراسة الذاتية، وتنمية المهارات ومواكبة المتغيرات، يعكس الجانب المظلم لدى الوالدين، الذين لا يدركون خطورة الوقت الراهن، واختاروا لأبنائهم الدروس الخصوصية المباشرة في ظل تفشي الفيروس التاجي، ليُريحوا أنفسهم من عناء القيام بواجباتهم وأدوارهم الجديدة، وهنا نواجه إشكالية انعدام المسؤولية وتواضع الوعي.

مع «التقاعس في المنزل» و«المساعي المستدامة لمحترفي التدريس الخاص»، باتت لدينا فئات طلابية تعاني حالة من اللامبالاة؛ إذ اعتاد أصحابها على الاعتماد على الدروس الخصوصية في تسيير حياتهم التعليمية، ولم تفلح معهم محاولات التعايش مع متغيرات التعليم وتوظيف التكنولوجيا وفق الأنماط الجديدة التي تدعو إلى التعلم الذاتي وتنمية المهارات.

المسؤولية وحدها فرضت ضرورة تغليظ العقوبة على أصحاب التدريس الخصوصي «المباشر»، ومن يدعو له وينظمه ويدعم توجهاته، لكبح أي خطورة تهدد حياة أبنائنا وأولياء أمورهم ومعلمينا. نعم نؤيد الأحكام التي من شأنها حماية المجتمع وفئاته في ظل الجائحة، وعلينا بالوسائل الذكية التي أفرزت أنماطاً جديدة للتعليم، وبدائل آمنة للتعلم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"