شبح الجوع القادم

00:50 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

فيما تزداد الصراعات السياسية، والنزاعات المسلحة في العالم، وبعد جائحة كورونا التي ألقت بظلالها القاتمة على مختلف أنحاء المعمورة، والآثار السلبية التي تركتها على معظم الاقتصادات العالمية، تتزايد يوماً بعد يوم المخاوف من ازدياد عدد الجوعى في العالم، بشكل قد يفجر المزيد من الصراعات؛ بل ويخلق بيئة خصبة للتطرف والعنف، خاصة أن أحداً لا يستطيع اللجوء إلى السكينة والهدوء وهو يتضور جوعاً، لاسيما أن الكفاح من أجل لقمة العيش يعد أمراً مشروعاً تقره كل الشرائع والقوانين الوضعية، باعتباره يمثل حق الإنسان في الحياة.

وفي تقرير عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم، صدر في الثالث عشر من يوليو/تموز الماضي عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة اليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، إضافة إلى مشاركة منظمة الصحة العالمية، يشير إلى أن عدد الجياع في العالم آخذ في الارتفاع؛ حيث انضم عشرات الملايين من الأشخاص إلى صفوف من يعانون نقص التغذية المزمن خلال السنوات الخمس الماضية، وما زالت العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم تعاني أشكالاً متعددة من سوء التغذية.

التقرير المذكور ذكر أن ما يقارب 690 مليون شخص عانوا الجوع في عام 2019، أي بزيادة قدرها 10 ملايين نسمة مقارنة بعام 2018، وبنحو 60 مليون نسمة خلال فترة خمس سنوات، موضحاً أن ارتفاع التكاليف وتراجع القدرة على تحملها يعني أيضاً، أن مليارات الأشخاص غير قادرين على تناول أغذية صحية أو مغذية.

وفي تعقيبه على هذا التقرير أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، أن تقرير هذا العام يرسل إشارة ذات بعد واقعي، مفادها بأنه «في معظم أنحاء العالم، لا يزال الجوع راسخاً ويتزايد».

وأضاف جوتيريس، أن البلدان تواصل مواجهة سوء التغذية بجميع أشكاله، بما في ذلك العبء المتزايد للسمنة، مشيراً إلى أن جائحة كورونا تجعل الأمور أسوأ. وأنه قد ينزلق المزيد من الناس في براثن الجوع هذا العام.

ونبه جوتيريس إلى أنه إذا استمر الاتجاه الحالي، فلن يتم تحقيق التنمية المستدامة المتعلقة بالقضاء على الجوع بحلول عام 2030، داعياً إلى جعل النظم الغذائية أكثر استدامة ومرونة وشمولاً للناس والكوكب.

 ويبدو أن التقارير المفصلة حول الجوع في العالم، لا تخفي التخوف من أن يكون هذا الجوع سبباً في اندلاع المزيد من الحروب، ولاسيما في الدول الفقيرة، في آسيا وإفريقيا؛ حيث يشير التقرير الأممي المذكور إلى أن عدد الجياع في آسيا يناهز (381 مليون شخص)، تليها إفريقيا، التي تسجل أسرع معدل زيادة بما يقارب (250 مليون شخص)، ثم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي؛ حيث يقترب عدد الجوعى من 48 مليون شخص.

 كما تشير التقديرات إلى أن جائحة كورونا قد تدفع بأكثر من 130 مليون شخص إضافي من جميع أنحاء العالم إلى دائرة الجوع المزمن بحلول نهاية عام 2020.

 أمام هذا الواقع الرهيب وفي ظل استمرار الصراعات التي تغذيها في الكثير من الأحيان القوى الاستعمارية، لإلهاء الشعوب وسرقة ثرواتها، تبدو قضية مواجهة الجوع قضية عالمية بامتياز، ومسؤولية التصدي للجوع مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق المجتمع الدولي كله، لأن آثاره الكارثية لن تنحصر في بقعة جغرافية محددة؛ بل تطال العالم بأسره، على الرغم من أن الأكثر تضرراً ستكون تلك الشعوب الفقيرة، ولا سيما منها الغارقة في صراعات تغذيها القوى الاستعمارية الكبرى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"