مزارع العين نموذج للاستدامة الزراعية الحديثة

«أعطوني زراعة أضمن لكم حضارة».. مقولة مأثورة عن الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، الذي كان مدركاً لأهمية الزراعة التي تعد لبنة من لبنات قيام أي حضارة على مدى التاريخ.
فمنذ قيام الاتحاد عام 1971 أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالقطاع الزراعي، عبر استمرار عملية التنمية الزراعية الشاملة التي كان من نتائجها حصول دولة الامارات على المركز 21 في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بعام 2019 الذي يجسد دعم القيادة المستمر لهذا القطاع الاستراتيجي والحيوي.
وتعد مزارع العين التي يصل عددها الى 11921، من المزارع التي تسهم في استدامة الزراعة وتحقيق الامن الغذائي بالدولة بتنوع المحاصيل التي تنتجها باستخدام الأساليب والتكنولوجيا الحديثة في الزراعة.
وقال المهندس محمد العلوي، مدير قسم إرشاد العين في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية: إن الهيئة تطلق خطة المزارع الإرشادية سنوياً، لتشجيع أصحاب المزارع من المواطنين على تبني التقنيات الحديثة والمبتكرة في الزراعة، بالتركيز على استخدام الحلول الفنية المناسبة لتطوير قدرات المزارعين وإدخال محاصيل جديدة وأصناف محسنة، ما يؤدي إلى ترسيخ مفهوم الممارسات الزراعية الجيدة ونشرها بين المزارعين.
أوضح أن الهيئة أصدرت القوانين والقرارات والخدمات الداعمة والمنظمة للمزارع في إمارة أبوظبي التي تعزز الأمن الغذائي للدولة بإصدارها قرارات شملت إصدار نظام خدمات، وبرامج تحسين دخل ملاك المزارع، ومربي الثروة الحيوانية، والمتطلبات الزراعية للمزارع، وتنظيم المزارع النباتية التجارية، والشروط الفنية والصحية لمنشأة الإنتاج الحيواني، ونظام وحدات الإنتاج الحيواني الصغرى بالمزارع والعزب وغيرها، ما يساعد في تنمية القطاع الزراعي وتحقيق الاستدامة، للوصول إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الرئيسية التي تعد من الأهداف الرئيسية في منظومة الأمن الغذائي بالدولة.
وأضاف أن الهيئة تحرص على ترشيد استهلاك المياه والحد من الهدر المائي في ري المحاصيل الزراعية، بتبني أفضل الطرق الزراعية واستخدام التقنيات الحديثة لتعزيز الاستدامة الزراعية في القطاع الزراعي وإطلاع المزارعين على أفضل التقنيات الحديثة لأنظمة الري الذكية والاوتوماتكية سواء في الحقول المكشوفة أو الزراعة المحمية.
فيما أوضح عثمان العامري، صاحب مزرعة في مدينة العين بأن مزارع العين تستخدم طرقا زراعية عدة تتماشى مع الطبيعة المناخية في المدينة التي تقلل من الآثار السلبية لارتفاع درجات الحرارة، وتوفير كميات كبيرة من مياه الري ولعل أبرزها استخدام البيوت المحمية بكل أشكالها مثل البيوت الشبكية، والبيوت البلاستيكية ومن أهم مميزاتها مضاعفة الإنتاج الزراعي والحفاظ على كمية المياه وحماية النبات من تقلبات الطقس، وتهيئة المناخ المناسب لنمو النبات، فضلاً عن الإنتاج المستمر على مدار العام لبعض أنواع الخضروات.
وأضاف أن نظام الزراعة المائية (Hydroponics) في البيوت المحمية من الأنظمة التي تستخدم في مزارع العين التي توفر المياه المستخدمة في الري بالزراعة بدون تربة، عبر استخدام المحاليل والمغذيات النباتية لإمداد النباتات باحتياجاتها من العناصر الضرورية لنموها، ما يعزز الاستدامة الزراعية ويحافظ على مخزون المياه الجوفية.
كما أكد منصور النيادي، صاحب مزرعة، أن نمط الزراعة المختلطة أو ما يطلق عليها المزارع التكاملية ينتشر في مزارع العين بتطبيق هذا النمط الزراعي الذي يسهم في تعزيز الاستدامة الزراعية والحيوانية ومنظومة الامن الغذائي في الدولة.
وأضاف أن هذا النمط يتميز بالدمج بين الإنتاج النباتي والحيواني، ما يسهم في زيادة الإنتاج والإنتاجية في المزارع، وتنوع مصادر الدخل لدى المزارع، وتكمن الاستفادة في توفير احتياجاتهم من المنتجات الحيوانية من اللحوم والألبان، غذاء إلى جانب استخدام مخلفاتها في التسميد العضوي للمحاصيل المختلفة، ما يسهم في زيادة خصوبة التربة وتوفير الغذاء للنبات.
كما يهتم المزارعون الذين يتبعون هذا النمط بزراعة الأعلاف، بغرض توفير جزء من احتياجاتهم لتغذية الماشية والدواجن، إلى جانب التقليل من اعتمادهم على شراء الاعلاف المتوفرة في الأسواق المحلية والتقليل من الأعباء والكلف التي يتحملها المزارع.
وتختلف المحاصيل التي تنتجها مزارع العين وتأتي في مقدمتها التمور، وتنتج أغلب أنواع الخضراوات مثل الطماطم والخيار والفلفل الحلو في البيوت المحمية، وتزرع الكثير من الخضراوات في الحقل المكشوف، ومنها البطاطا والذرة والكوسا والقرنبيط والملفوف والجزر والباذنجان والبصل والبطيخ والشمام والورقيات بأنواعها، وكذلك زراعة أشجار الفاكهة بأنواعها، مثل السدر والتين والباشن فروت والحمضيات.
وكانت 90 مزرعة في مدينة العين، حصدت الشهادة الدولية للممارسات الزراعية الجيدة (global GAP) والبرنامج العالمي للممارسات الزراعية الجيدة «جلوبال جاب» الذي يطبق معايير للإنتاج الزراعي تضمن سلامة وأمان الغذاء والعاملين على إنتاجه وفق أسس مستدامة للممارسات الزراعية. (وام)