وقفة مع التنمّر

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين



 

«حماية الطفل من التنمّر حق أصيل لتنشئته، وصون لكرامته وتنمية مهاراته العقلية والمعرفية والبدنية وتعزيز قدراته واهتماماته»، كلمات معدودة وبسيطة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، ولكنها تحمل بين ثناياها، أبعاداً عميقة ومهمة لحماية مستقبل أبنائنا.
وفي وقفة مع المفهوم القديم للتنمّر، نجد أن ماهيته تجسدها مجموعة مواقف عدوانية، صورته في عدة أشكال من الإيذاء «الجسدي، اللفظي، الاجتماعي، العرقي»، ولأن الاعتداء كان يتم بشكل مباشر ومرئي للجميع، كانت مهمة التصدي له أمراً سهلاً، وعلاجه يتسم بالبساطة، سوء مع الجاني أو الضحية.
ولكن مع وجود الشبكة العنكبوتية التي دمجت العالم الواقعي بالافتراضي، وتطورات التكنولوجيا المتوالية، أصبحت الظاهرة أكثر تعقيداً، وبات التنمّر عبر الإنترنت هو الأخطر في المعنى والمضمون، لاسيما على الأطفال الذين ليس لديهم الوعي الكافي للتعاطي مع المواقع الإلكترونية، ولا سبل التصدي لتلك الظاهرة.
بيانات وتقارير «اليونيسكو» الأخيرة، تدعو حقاً للقلق، وتثير مخاوف جمة لدى الجميع، فهناك واحد من بين كل ثلاثة طلاب يتعرّض لهجمات مرة واحدة على الأقل شهرياً، وواحد من كل 10 يسقط ضحية للتنمّر الإلكتروني، الذي يزداد بشكل «مزعج»، لاسيما بعد وباء «كـوفيد-19»، الذي فرض على الطلبة حياة افتراضية، يتلقون من خلالها علومهم ومعارفهم، فأصبح الاستخدام للإنترنت «مفرطاً»، وغدت وسائل الحماية واجباً «إلزامياً».
هل تعلم أن ثلث طلبة العالم، يعانون التنمّر وآثاره التي جعلت صحتهم ورفاههم العاطفي وعملهم الأكاديمي وكفاءتهم التعليمية، في خطر حقيقي، يرتبط بعواقب طويلة الأمد تستمر حتى بلوغهم سن الرشد؟ ومع الأسف لم تهدد تلك الظاهرة العالمية أطفالنا فحسب، بل مدارسنا أيضاً بحاجة إلى حماية، لاسيما بعد الهجمات الإلكترونية الأخيرة، التي استهدفت مدارس بعض الدول، مثل أفغانستان وبوركينا فاسو والكاميرون وباكستان، وهذا يأخذنا إلى ضرورة حماية المجتمع التعليمي من جميع أشكال العنف.
جهود الإمارات مشهودة، ولا جدال، فقد أولت اهتماماً خاصاً لحماية الأطفال من التنمّر، والتزمت بتعزيز البيئة المدرسية آمنة وإيجابية، ووفرت وسائل وأنظمة فعالة، للإبلاغ عن التنمّر بأنواعه ومراقبته، ودربت المعلمين، ودعمت الطلاب المتضررين، ولكن مع ازدياد وتفاقم الظاهرة، تبقى وحدة الجهود واستمرارها مطلباً ملحاً، لحماية أبنائنا.
الظاهرة بحجمها وما يجوب حولها من حقائق، تدعو لتضافر جهود المجتمعات، وصناع التكنولوجيا، لاستحداث وسائل أمان جديدة، وأدوات مبتكرة تساعد الوالدين والمعلمين على تعليم أطفالهم كيفية الاستخدام الآمن للإنترنت.
التنمّر «آفة» لا يجوز إهمالها أو التقليل من خطورتها أو تجاهلها، والتصدي لها يتطلب منهجية تشاركية واستشارية لدعم التعاون والحوار البناء بين فئات المجتمع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"