عادي

75 عاماً على انطلاق أكبر محاكمة في التاريخ.. 300 ألف شهادة و6 آلاف قرينة

17:49 مساء
قراءة 3 دقائق
محاكمات نورمبرغ
محاكمات نورمبرغ
محاكمات نورمبرغ
محاكمات نورمبرغ

نورمبرغ (ألمانيا) - أ ف ب

في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1945، بدأت في نورمبرغ في ألمانيا أكبر محاكمة في التاريخ، شملت 21 من كبار القادة النازيين وبينهم هرمان غورينغ الذي سماه هتلر لخلافته، للمرة الأولى أمام العدالة الدولية.

وكان العام 1943، بداية تفكير الحلفاء في مصير مجرمي الحرب الألمان، وذلك وقبل الاستسلام حتى، إذ تم الاتفاق على مبدأ محاكمة لا سابق لها أمام محكمة دولية وعلنية.

وبعد ستة أشهر فقط على نهاية الحرب، راح المدعون الذين يمثلون شأنهما في ذلك شأن القضاة، الدول الحليفة الأربع، يجمعون 300 ألف شهادة وحوالى 6 آلاف و600 قرينة مدعومة بـ42 ملف من الأرشيف.

ونظمت المحاكمة في مدينة مدمرة صمد فيها قصر العدل الموصول بسجن. وتشكل نورمبرغ خصوصاً رمزاً للنازية، إذ كان هتلر ينظم فيها تجمعات ضخمة.

- جرائم ضد الإنسانية  

افتتحت المحاكمة وفي 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1945 عند الساعة العاشرة قبل الظهر، في القاعة 600 من المحكمة، في حضور مئات الصحافيين. وأعلن المدعي العام الأمريكي روبرت جاكسون أن «المدعي الفعلي هنا، هي الحضارة».

في قفص الاتهام جلس كبار المسؤولين النازيين الذين كانوا لا يزالون على قيد الحياة بعد انتحار أدولف هتلر وجوزف غوبلز وهاينريش هيملر.

وجلس هيرمان غورينغ الرجل الثاني في النظام إلى جانب رودولف هيس، مساعد هتلر، وألفرد روزنبرغ منظر الحزب، فضلاً عن فريتز سوكل المسؤول عن العمل القسري ويواكين فون ريبنتروب وزير الخارجية.

ووجهت إليهم تهمة التآمر وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد السلام، فضلاً عن جرائم ضد الإنسانية للمرة الأولى في التاريخ.

وحددت هذه الجرائم الأخيرة على أنها «اغتيالات وإبادة واستعباد وترحيل وكل فعل غير إنساني ضد المدنيين قبل الحرب أو خلالها أو الاضطهاد بدوافع سياسية وعرقية ودينية»، إذ إن مفهوم الإبادة الجماعية لم يعتمد في القانون الدولي إلا اعتباراً من العام 1948.

- صدمة المشاهد –

وقد دفع جميع المتهمين ببراءتهم، إلا أن عرض أفلام صورها الحلفاء الغربيون حول معسكرات الاعتقال، أعطت سريعاً بعداً آخر للمحاكمة.

وكتب عالم النفس في السجن خلال فترة المحاكمات ج.م. غيلبرت في «يوميات نورمبرغ» (1947): «ارتجف سوكل عندما رأى فرن حرق الجثث في نورمبرغ. وعندما عرض غطاء مصباح مصنوع من جلد بشري.. قال شترايشر: أنا لا أصدق ذلك، في حين هز (فيليم) فريك (المسؤول النازي السابق) رأسه غير مصدق عندما وصفت طبيبة العلاج المطبق قسراً على المعتقلات في بلسن والتجارب التي أجريت عليهن».

ومن بين شهود الادعاء الثلاثة والثلاثين، المقاومة الفرنسية ماري-كلود فايان-كونورييه الناجية من معسكري اوشفيتز ورافينسبروك. وهي قدمت رواية فظيعة امتدت على ساعتين تحدثت فيها عن نساء يلدن ليقتل المولود الجديد أمام اعينهم بإغراقه بالمياه ومعتقلات مضطرات على الشرب من مياه البرك الموحلة قبل الاستحمام فيها والاستدعاءات عند الساعة الثالثة صباحا...

وقالت لصحيفة «لومانيتيه» الفرنسية: «قبل أن أتولى الكلام أمام المحكمة مررت أمام المتهمين ببطء شديد. أردت النظر إليهم عن كثب. كنت أتساءل ما عساهم يكونون هؤلاء الأشخاص القادرين على ارتكاب جرائم بهذه الفظاعة».

وعقدت الجلسة الأخيرة في هذه المحاكمات في 31 آب/اغسطس 1946 وقد حاول خلالها المتهمون التخفيف من ضلوعهم في الجرائم.

وقال غورينغ في تلك الجلسة الأخيرة: «لم أصدر الأوامر بالإبادة، لم أصدر الأوامر يوماً برمي طياري الدول الحليفة بالرصاص، كنت أجهل ذلك وأنا أعارض ذلك (...)».

وكان رودولف هيس الوحيد من بين المتهمين الذين لم ينف أن يكون ضالعاً في ما حصل وبقي وفياً لهتلر متعهداً أن يعيد الكرة.

ونطق بالحكم في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 1946 وشمل 12 حكماً بالإعدام وثلاثة أحكام بالسجن مدى الحياة وحكمين بالسجن 20 عاماً وحكما بالسجن 15 عاماً وآخر بالسجن 10 سنوات.

وأفلت ثلاثة متهمين من أحكام بالسجن. وفاجأت هذه التبرئات المراقبين في تلك الفترة إلا أنها أتت رداً على منتقدي المحاكمة التي أرادها القيمون عليها «عادلة».

- انتحار غورينغ - لم تفلت نورمبرغ من الانتقاد وأُخذ عليها أنها «عدالة المنتصر»، ولم تخل من بعض نقاط الغموض مثل مجزرة كاتين التي حاول الادعاء الروسي تحميل مسؤوليتها للنازيين (...).

في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1946 عند الساعة الواحدة صباحاً نفذ حكم الإعدام شنقاً بعشرة محكومين. وكان هرمان غورينغ انتحر قبل ساعات في زنزانته مبتلعاً حبة سيانيد للافلات من الشنق الذي لا يعتبره جديراً بعسكري.

يذكر أن كل الجثث حرقت بما في ذلك جثة غورينغ ونثر رمادها في أحد روافد نهر إيسار لتجنب أن تصبح قبورهم محجاً. ونظمت في نورمبرغ 12 محاكمة أخرى لمسؤولين نازيين من بينهم أطباء ووزراء وعسكريين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"