هل يخسر ترودو مستقبله السياسي؟

00:09 صباحا
قراءة 3 دقائق

مايكل بوكيوركيو *

قد يستغرب كثيرون غفلة زعيم سياسي بارع مثل جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا، عن تفاعلات سياسية تدور في حديقة بيته الخلفية تُنذر بكارثة.

فقد شعر الكنديون بالغضب مؤخراً بعد أن أخبرهم مسؤولو الصحة العامة الفيدراليون، ومن ثم ترودو نفسه، بأنه من غير المتوقع أن يتم تطعيم الأغلبية منهم ضد فيروس كورونا حتى أواخر ديسمبر 2021. هذا الموعد متأخر أشهراً عن المواعيد المتوقعة في دول مجموعة السبع الأخرى التي تصنع اللقاحات.

وقال ترودو: «اللقاحات الأولى التي تخرج من خط تجميع في بلد ما، من المرجح أن تُعطى لمواطني ذلك البلد، مثل مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة التي لديها منشآت دوائية محلية، ولهذا السبب من الواضح أنها ستُعطي الأولوية لمعالجة مواطنيها أولاً».

لكن المملكة المتحدة أعلنت بعد تصريح ترودو أن 800 ألف جرعة من لقاح فايزر المعتمد في طريقها من بلجيكا؛ أي ليست مصنعة محلياً، وسيبدأ توفيرها خلال أسبوع. وقد سلط هذا الإعلان المزيد من الضوء على تقصير الحكومة الكندية في تأمين اللقاحات للمساعدة في معالجة شعبها.

ولكن من الصعب تجاهل خطأ سياسي أكبر، قد يقع فيه ترودو عندما تبدأ محطات البث التلفزيوني عرض صور طوابير الأمريكيين لتلقي اللقاح، بينما يظل الكنديون محتجزين في منازلهم في نهاية فصل الشتاء، في ظل إجراءات صحية عامة وضعت قيوداً صارمة على التجمعات والحركة.

في الوقت نفسه، أكد رئيس الوزراء، الواثق، أن هناك «نوراً في نهاية النفق»، وقاد الكنديين إلى الاعتقاد بأنهم كانوا محظوظين، وأنهم في وضع جيد للخلاص من الوباء مبكراً.

على الرغم من أن كندا تتوقع حوالي 6 ملايين لقاح بحلول نهاية الربع الأول من عام 2021، فسيتم استهلاكها بسرعة من قبل «الفئات ذات الأولوية العالية»، مثل العاملين في الخطوط الأمامية، والأفراد الأكثر ضعفاً.

وحول الأسباب التي آلت إلى هذه النتيجة، يبدو أن ترودو بارع في إدارة المشاكل الصغيرة، وعاجز عن إدارة مشروع كبير على مستوى الدولة، مثل إنتاج اللقاح محلياً.

فقد سارعت شركة «ميدكاجو» في كيبيك إلى تطوير لقاح نباتي متقدم، لكنه لم يجتز مرحلة التجريب الثانية. ولم يقتصر الأمر على تباطؤ إنتاج اللقاح محلياً؛ بل إن كندا تخلفت عن الركب في تقديم الطلبات للحصول على بعض اللقاحات الأجنبية الصنع، مثل لقاح فايزر، وكان هناك أيضاً تأخير في بناء مصنع كبير لتصنيع اللقاحات في كيبيك، ثم إن صفقة أخرى مع شركة صينية تعطلت عندما منعت الجمارك الصينية تصدير عينات اللقاح.

وبعد أن أمضى خمس سنوات في السلطة، مع وجود تحذيرات عالية وواضحة من منظمة الصحة العالمية وخبراء الصحة بشأن جائحة قادمة، كان ينبغي على ترودو أن يستجمع الإرادة السياسية لبدء إحياء إنتاج اللقاحات المحلية، من أجل تقليل الاعتماد على الموردين الأجانب.

وكان بإمكان أوتاوا تجنب الاتهامات والتشويش السياسي من خلال إعداد الكنديين في وقت مبكر لاحتمال حصولهم على التطعيم الشامل في موعد متأخر عن العديد من دول مجموعة السبع وحتى عام 2021.

ولكن بعد أن قطع أقل من نصف الطريق في فترة ولاية مدتها أربع سنوات، منذ إعادة انتخابه عام 2019، فإن تأجيل اللقاح المربك هو فشل قد لا يغفره له العديد من الكنديين، خاصة في وقت ينفصل فيه كثيرون عن أحبائهم المسنين بسبب إجراءات التباعد الجسدي.

ولا يستطيع ترودو الذي يمسك بزمام السلطة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2015، ولا حزبه الليبرالي، تفسير عدم اتخاذ إجراءات لتعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، بالقول، إن الوباء فاجأهم. وعلى الرغم من أن كندا تعمل على تحسين استجابتها للوباء، فإنها تفتقر إلى شبكة قوية لتتبع الإصابات وتنفيذ العقود، وتوفير معدات الوقاية الشخصية. وتواجه حالياً نقصاً في الأكسجين في المستشفيات، ونقصاً في العاملين الصحيين. وقد سمحت الثغرات في قوانين السفر للأشخاص الذين كانوا في الولايات المتحدة أو في الخارج بالدخول إلى كندا، والتنقل فيها بدلاً من وضعهم في الحجر الصحي عند نقطة دخولهم.

لقد عرّض الوباء قدرات ترودو السياسية إلى امتحان شديد قد لا يستطيع اجتيازه، وبالتالي ربما تكون هذه هي بداية النهاية لمستقبله السياسي.

* كاتب في «سي إن إن»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب في «سي إن إن»

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"