عسكرة الديمقراطية والعالم

00:45 صباحا
قراءة 3 دقائق

جون ستانتون *

يعتقد من يديرون الحروب، بأنه من الأسهل والأكثر تكريماً في الواقع الحصول على الثروات بالنهب بدلاً من العمل. فالحروب كانت تشن في السابق فقط للانتقام من الإصابات أو لتوسيع الأراضي التي أصبحت صغيرة جداً، ويتم شنها الآن لمجرد النهب ولذا أصبحت صناعة عادية. وحروب النهب تزيد من قوة القائد العسكري الأعلى والقادة المرؤوسين.

ويشير تعبير هيمنة الطيف الكامل إلى أن القوات الأمريكية قادرة على إجراء عمليات سريعة ومستدامة ومتزامنة مع مجموعات من القوات المصممة لحالات محددة مع إمكانية الوصول إلى الهدف وحرية العمل في جميع المجالات- البرية والبحرية والجوية والفضائية و المعلوماتية. ويعني تحقيق السيطرة الكاملة على الطيف أن القوة المشتركة ستحقق هدفها الأساسي- النصر في الحرب- إضافة إلى تحقيق النجاح عبر النطاق الكامل للعمليات، لكن هذا لا يعني الفوز بدون تكلفة أو صعوبة.

ويجب أن تحتفظ الولايات المتحدة بالمنافسة المفرطة، وهي مزيج من القدرات على نطاق كاف لمنع نجاح العدو. وللاحتفاظ بالمنافسة العسكرية المفرطة، يجب على الولايات المتحدة استعادة القدرة على إنتاج قدرات مبتكرة، والتهيؤ للحرب الكبرى، وزيادة حجم القوة؛ بحيث تكون قادرة على العمل على نطاق كاف مع المدة اللازمة للانتصار وفق مجموعة من السيناريوهات.

ولذا؛ فإن الولايات المتحدة تريد أن تلعب بقوة مع الصين وبطبيعة الحال، مع روسيا، من خلال إعادة تسليط الضوء على عقيدة الاحتواء في حقبة الحرب الباردة، جنباً إلى جنب مع ترقيات الثالوث النووي، (500 سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، وقاذفات جديدة طويلة المدى واستبدال لطائرات F-35 والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت)، وبالطبع المزيد من الأفراد لجميع المتطوعين في الجيش الأمريكي. وهذا يعني أنه يجب تحويل المزيد من الدولارات إلى البنتاجون ومورديه. لكن هناك المزيد: كالمبادرات العسكرية الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، والطائرات بدون طيار القتالية المستقلة (تحت البحر والجو)، والأسلحة الفضائية، والبيولوجيا الاصطناعية، وكلها تضاف إلى حمولات الشاحنات من الدولارات لمواجهة الصين وروسيا، ناهيك عن كوريا الشمالية وإيران.

وتأتي ميزانية الدفاع للسنة المالية 2021 بمبلغ ضخم يبلغ 740.5 مليار دولار. ولكن هناك المزيد من الأمن الذي يجب توفيره: فوزارة الأمن الداخلي ستنفق نحو 50 مليار دولار ووزارة العدل (التي تضم مكتب التحقيقات الفيدرالي) 30 مليار دولار. ومن المتوقع أن تنفق وكالات الاستخبارات الأمريكية ما يقرب من 85 مليار دولار في عام 2021 مع تركيز جديد على الصين. وهذا يمثل ما يصل إلى نحو 905 مليارات دولار.

وستستمر عسكرة الديمقراطية والعالم بلا هوادة. ولا أحد يجرؤ على التحدث ضدها أو محاولة إيقافها: إنها مهمة حمقاء بالفعل.

على أي حال، ما الهدف من إنفاق الولايات المتحدة لمليارات الدولارات- بعض التقديرات تصل إلى 1.2 تريليون دولار- على الأمن القومي/الدفاع عندما يكون نظام الرعاية الصحية والبنية التحتية الحيوية (الجسور وأنابيب الصرف الصحي والطرق وما إلى ذلك) والشركات متوسطة الحجم وشبكات الأمان الاجتماعي- حتى النظام الدستوري- آخذة في الانهيار؟

إن استراتيجية الدفاع الوطني تعلن عن تحول حاسم في أولويات الأمن الأمريكية، بعيداً عن عصر الإرهاب على مستوى «داعش» وتدعو للعودة إلى منافسة القوى العظمى مع عمالقة المنطقة الصين وروسيا. ويقول مخططو البنتاجون إن هذا التحول سيتطلب جيشاً، أكثر فتكاً ومرونة وابتكاراً. لذلك، قد تخوض الولايات المتحدة حرباً مع الصين وهذا سيجلب لها المزيد من الدولارات. لذا فإن الصين هي الوحش الاستبدادي رقم 1 اليوم.

على أي حال، لنفترض أن الجيش الأمريكي اختفى فجأة. ماذا ستكون أمريكا إذاً؟ ستكون ديمقراطية شبه عسكرية ومشبعة بذهان الاعتقال لأنها ترفض رعاية شعبها بشكل مناسب. فهل هذا أمر يستحق القتال؟

* كاتب وصحفي مقيم في فيرجينيا متخصص في الأمن القومي والشؤون السياسية. (كاونتر بانش)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وصحفي مقيم في فيرجينيا متخصص في الأمن القومي والشؤون السياسية. (كاونتر بانش)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"