الكرملين أنهى العام منتصراً

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

بول جوبل *

تجمع الآراء والتحليلات على أن عام 2020 كان صعباً بالنسبة لمعظم الروس؛ حيث قيد الوباء حركتهم، وتراجعت مداخيلهم وقلت فرصهم؛ لكن بالنسبة للكرملين انتهى العام على الرغم من كل الصعوبات التي واجهها، بانتصارات في أربعة مجالات رئيسية.

 فالنتائج التي آل إليها الوضع سواء في الاقتصاد والسياسة والإعلام والشؤون الخارجية، تؤكد أن الكرملين؛ أي فلاديمير بوتين، في وضع يسمح له بمواصلة الكثير من نهجه الحالي بالطريقة نفسها وبثقة أكبر مما كان عليه قبل عام مضى. ويقول المحللون الروس: إن القيام بذلك ليس ممكناً فحسب، ولكنه لن يؤدي إلى مشاكل.

 فيما يتعلق بالسياسة، كان عام 2020 هو العام الذي انتهت فيه ممارسة السياسة الحقيقية في روسيا؛ بسبب التغييرات الدستورية في منتصف العام.

 وفي العام المقبل، سوف يعزز الكرملين موقفه من خلال انتخابات مجلس الدوما التي تكتسب أهمية استثنائية؛ لأن السلطات باتت واثقة من نفسها لدرجة أنها اختارت عدم تأجيل الانتخابات.

 من هنا فإن الكرملين خرج من عام 2020 منتصراً. فقد اتسعت سلطاته، وأصبحت أدوات مواجهة حالات عدم الرضا أكثر تنوعاً، وتركزت المنافسة السياسية على دوائر قريبة من الوسط حتى صارت السلطة المركزية أقدر على المواجهة؛ بل تفادي التحديات.

 فيما يتعلق بالدعاية، وهي المجال الثاني الذي انتصر فيه الكرملين، تبين أن القول بعجز آليات الدعاية التي يسخرها النظام، مبالغ فيه إلى حد كبير. وخلال عام 2020 تأكد أن المجتمع الروسي محصن ضد اختراق المعلومات.

 لكن حرية المعلومات حقيقة لها وجهان: حرية تلقيها وحرية قبولها. وقد يكون الكرملين قد خسر المعركة الأولى؛ لكنه فاز في الثانية. يمكن للروس الوصول إلى الحقائق؛ لكنهم يختارون عدم الالتفات إليها أو التصرف بناءً عليها.

 فيما يتعلق بالمجال الثالث، العلاقات الخارجية، فإن كل المعطيات تصب في مصلحة الكرملين أيضاً. هنا يتم استغلال الاضطرابات التي حدثت العام الماضي بنمط من الحرب الباردة الجديدة المستقرة نسبياً، وهي فترة تقل فيها الصراعات، ويمكن فيها للكرملين استخدام تهديد الغرب لتخويف الروس ودفعهم إلى الاستمرار في دعمه.

 ويبدو أن العام المقبل هو عام «تعميق الاستقرار»، وهو عام لن يطالب فيه السكان بالتغيير؛ بل «الدخول في حالة سبات»؛ وذلك باستخدام نقاط القوة التي يمتلكها الناس؛ لرعاية احتياجاتهم الفورية بدلاً من فعل أي شيء لتحدي السلطات الموجودة.

وفيما يتعلق بالاقتصاد، وهو المجال الرابع، شهد الروس انخفاضاً في دخولهم بنسبة ستة إلى سبعة في المئة، وكان من الممكن أن يكون أكثر لو لم يقدم الكرملين مساعدات ضخمة. 

 ويبدو أن بوتين من بين أولئك الذين يقارنون الأزمة الحالية بأزمات الحقبة السوفييتية، لكن هذه المقارنة غير صحيحة. في الحقبة السوفييتية، كانت أرفف المتاجر فارغة، ما يدل على وجود مشاكل سببها النظام. أما اليوم فجيوب الأفراد هي الفارغة، وهو ما يعده معظم الناس مسؤولية فردية عليه التصدي لها شخصياً.

* باحث ومدرس في جامعة تارتو (أستونيا أوراسيا نيوز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

باحث ومدرس في جامعة تارتو

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"