«دبلوماسية كورونا» مع بيونج يانج

00:29 صباحا
قراءة 3 دقائق

كي بي بارك*

تعتبر كوريا الشمالية من الدول الأضعف على صعيد مواجهة «وباء كورونا»، لنقص الإمكانات والتجهيزات في المستشفيات.

 وبينما يستعد الرئيس المنتخب، جو بايدن، للتعامل مع الوباء المستشري في الداخل الأمريكي، يجب أن يعتبر أن الأزمة الصحية تمثل فرصة نادرة للإدارة القادمة للتعامل مع كوريا الشمالية بطريقة عملية، ومنخفضة المخاطر سياسياً.

 ويمكن ل«دبلوماسية كورونا» أن تساعد في تغيير حالة انعدام الثقة بين الحكومتين، وإنعاش الجهود لكبح برنامج بيونج يانج النووي. وهكذا يمكن أن يعكس نهج بايدن المفضل في السياسة الخارجية، أي الاعتماد على الخبراء والمؤسسات القائمة على المعرفة، والتنسيق متعدد الأطراف، واللياقة الإنسانية.

 كان عام 2020 عام الحساب. ولم تسفر «دبلوماسية القمة» غير التقليدية بين الرئيسين، دونالد ترامب، وكيم جونج أون، عن أي تحرك نحو نزع السلاح النووي منذ اجتماعهما الأخير في العاصمة الفيتنامية هانوي في فبراير/ شباط 2019. ومنذ ذلك الحين، أجرت كوريا الشمالية 30 تجربة صاروخية، وقد تتباهى قريباً بغواصة قيد التشغيل، أطلقت منها صواريخ باليستية عابرة للقارات يمكنها الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.

 وداخلياً، يواجه الكوريون الشماليون مخاطر تفشي كورونا، ومشاكل رداءة البنية التحتية للصحة العامة. ونظراً لأن الفيروس لا يعرف حدوداً، فإن فشل الولايات المتحدة في تسهيل المساعدة الطبية يمكن أن يضر بالعلاقات بين الأطراف، بما في ذلك كوريا الجنوبية، واليابان، وهما حليفان للولايات المتحدة منذ فترة طويلة.

 وقبل أن يتمكن فريق بايدن من وضع الأسلحة النووية على طاولة المفاوضات، فإنه بحاجة إلى حث بيونج يانج على الخروج من حالة الإغلاق التام التي فرضتها على نفسها في صمت.

 فقد أغلقت كوريا الشمالية حدودها في يناير/ كانون الثاني 2020، وهي واحدة من أوائل الدول التي اتخذت مثل هذه الخطوة ضد «كورونا». ويعد منع الفيروس من الانتشار داخليا ًقراراً سليماً للصحة العامة في بلد يعاني نقص الموارد في النظام الصحي. ولكن مع استمرار الوباء، فإن الإغلاق المطول يسحق اقتصادها.

 وعلى الرغم من أن الدولة لا تبلغ عن إصابات مؤكدة، يعتقد الخبراء أن تفاقم الفقر، وتدهور الخدمات الطبية الأساسية، وتعطيل سلاسل التوريد الطبية، وتعليق برامج المساعدات الإنسانية الدولية، ستزيد من عدد الوفيات المبكرة.

 ومن مصلحة الولايات المتحدة - والمجتمع الدولي - ضمان قدرة كوريا الشمالية على كبح انتشار الفيروس، لأنه في حالة حدوث جائحة لن يسلم منها أحد. وتملك الولايات المتحدة مفتاح دمج كوريا الشمالية في شبكة الأمن الصحي الإقليمية، والعالمية.

 وستحتاج «دبلوماسية كورونا» مع كوريا الشمالية إلى البدء بدعم برنامج اختبارات واسع النطاق، وتطوير القدرات العلاجية، وتوفير كمية لقاحات كافية، مع ضمان عدم استبعاد الفئات الضعيفة من السكان خارج المدن الكبرى.

 ويتطلب التعاون الدولي في مجال الأمن الصحي مع كوريا الشمالية عدداً من الخطوات، أهمها قناة مصرفية فعالة لتحويل الأموال للعمل الإنساني. ثم منح المنظمات الإنسانية تفويضاً عاماً لتوصيل الإمدادات، وإنهاء حظر السفر في الولايات المتحدة.

 لماذا تستجيب كوريا الشمالية بشكل إيجابي مع هكذا تحرك؟ لأن لديها علاقة تعاونية طويلة الأمد مع تحالف «جافي»، وهو تحالف دولي لإنتاج اللقاحات، وقد شاركت في تمويل وتنفيذ برامج لقاحات وطنية بنجاح في الماضي. كما يمكن أن تنضم إلى برنامج «كوفاكس»، بحيث يمكن الاستفادة من خبراتها في تطوير اللقاحات بضم البرنامجين معاً، من خلال مشاركة كوريا الجنوبية في التمويل.

 مع الوعد بتوفير الإمدادات الطبية واللقاحات وتخفيف العقوبات الإنسانية، قد تبدأ بيونج يانج بالعمل مع منظمات الإغاثة الخارجية، وإعادة فتح البلاد أمام السفر والشحن الأساسي. وتعمل هذه المنظمات المهنية وذات الخبرة العالية في إطار المساءلة مع ضمان الشفافية.

 وستعكس استراتيجية التعاون متعدد الأطراف مع كوريا الشمالية تجديد الرؤية الدولية للولايات المتحدة والمشاركة المبدئية من خلال الاهتمام بالحالات الأكثر إلحاحاً في دولة معادية، ومن خلال دعم اقتراح حليف مهم لمبادرة تعاون شمال شرق آسيا لمكافحة الأمراض المعدية.

 ولا شك في أن كثيرين من سكان العالم يترقبون تطور الفيروس، وتطوير برامج التسليح النووي، ويمكن ل«دبلوماسية كورونا» أن تحقق تقدماً في المجالين بما يعزز الأمن والأمان لشعوب العالم.

* أستاذ في كلية هارفارد الطبية ومسؤول برنامج الصحة الكوري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أستاذ في كلية هارفارد الطبية ومسؤول برنامج الصحة الكوري

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"