الاستثمار في العلاقات الاستراتيجية

00:11 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. كيون تشونج *

بصفتي خبيرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، شاركت مؤخراً في مجموعة عمل التحالف الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وجمهورية كوريا، التي نظمتها اللجنة الوطنية للسياسة الخارجية الأمريكية. وتم اختيار عشرة باحثين وممارسين من «الجيل القادم» من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، يمثلون الأوساط الأكاديمية ومراكز الفكر والحكومة، للوصول إلى تقرير نُشر مؤخراً بعنوان «إعادة الاستثمار في الولايات المتحدة واليابان وجمهورية كوريا .. العلاقات الاستراتيجية: أجندة عملية ثلاثية».

يضع التقرير رؤية للشراكة الثلاثية التي تعزز المصالح المشتركة، بدلاً من السعي وراء ثلاثية كهدف في حد ذاته. ويقدم التقرير طرقاً لاعتماد نهج «الحكومة الشاملة» لإدارة التحالف، من خلال توسيع مجالات التعاون للتهديدات الأمنية غير التقليدية، مثل الأوبئة وتغير المناخ، كما يستكشف مجالات جديدة للتعاون مثل المساعدة الإنسانية لكوريا الشمالية التي يمكن أن توفر حاجة ماسة خلال هذه الفترة من جائحة «كوفيد  19».

لقد عملنا في مجموعة فرعية ركزت على تحديد القيود المحلية التي حالت تاريخياً دون تعاون أوثق بين البلدان الثلاثة، وتقديم توصيات حول كيفية التغلب عليها.

أدركنا أن التعافي من جائحة «كوفيد  19»، سيكون أولوية قصوى لواشنطن وطوكيو وسيؤول، ولكن بشكل خاص لواشنطن؛ نظراً لارتفاع معدل الإصابة بها في الولايات المتحدة.

وفي السياسة الخارجية، تعهد الرئيس بايدن بتجديد التحالفات لمواجهة التحديات الإقليمية، وهو أمر مرحب به ومطلوب، لكن هذا لن يكون سهلاً، قبل استعادة الحياة الطبيعية والخروج من أزمة «كوفيد  19» في الوقت الحالي.

أكبر تقييد ستواجهه إدارة بايدن هو الصعود المتزايد للصقور في واشنطن، والذين يبالغون في تهديد الصين، مما قد يقلل من مساحة مواجهة التحديات الملحة مثل أزمة المناخ والأوبئة العالمية. ويجب أن تقاوم الولايات المتحدة الدعوات إلى تأطير التعاون الاستراتيجي بين الولايات المتحدة واليابان وجمهورية كوريا كجزء من استراتيجية احتواء الصين، وبدلاً من ذلك، عليها أن تتبع استراتيجية قائمة على التعاون والتواضع والبراجماتية.

وفي اليابان، يعتبر أكبر عائق محلي أمام إقامة علاقات ثلاثية أكثر إنتاجية، هو ضعف الرأي العام تجاه كوريا الجنوبية. وهناك إجماع واسع بين خبراء السياسة الخارجية والأمن القومي في اليابان، على أن التعاون الثلاثي سيكون مفيداً للطرفين. ولسوء الحظ، أدى الخلاف حول القضايا التاريخية إلى توليد مشاعر سلبية تجاه كوريا الجنوبية داخل الجمهور الياباني، حيث وصل إلى أدنى مستوى له منذ 41 عاماً.

ويتنافس الحزب الليبرالي الديمقراطي المحافظ على الاحتفاظ بالسلطة في الانتخابات المقبلة. لذلك يبدو من غير المرجح أن تحفز طوكيو بشكل استباقي العلاقات الثنائية مع كوريا الجنوبية، مما يحد من احتمالات التحول الدراماتيكي في العلاقات الثلاثية.

وبالمثل، فإن أكبر عائق أمام تحسين التعاون الثلاثي من جانب كوريا الجنوبية، هو في بناء علاقات إيجابية مع اليابان التي استعمرت كوريا الجنوبية من عام 1910 إلى عام 1945. وفي الوقت نفسه، أبدت إدارة مون جاي إن، اهتماماً بالتنسيق الثلاثي لدفع عملية السلام في شبه الجزيرة الكورية، والرد على التهديدات الصاروخية والنووية لكوريا الشمالية.

فكيف نمضي قدماً؟ تتمثل إحدى الطرق في إحياء الأفكار من الاجتماع الثلاثي لوزراء الخارجية لعام 2017، بين نائب وزير الخارجية آنذاك أنتوني بلينكين، ونائب وزير الخارجية الياباني شينسوكي سوجياما، والنائب الأول لوزير خارجية كوريا الجنوبية ليم سونج نام، كتعاون ثلاثي حول تمكين المرأة وسياسة الفضاء والمساعدات الإنسانية.

ويجب أن يلعب المجتمع المدني  بما في ذلك المنظمات الثقافية، من بين الديمقراطيات الثلاث  دوراً أكبر في بناء النوايا الحسنة والثقة على المدى الطويل. ومن المرجح أن تؤدي مثل هذه الجهود إلى تحسين الرأي العام أكثر من التعاون بين الحكومات نظراً لظهورها.

وأخيراً، هناك حاجة إلى مزيد من جهود المسار الثاني مثل مجموعة عمل التحالف الثلاثي للجنة الوطنية للسياسة الخارجية الأمريكية لبناء الأنسجة الجامعة بين صانعي السياسات الحاليين والمستقبليين في بلداننا.

* أستاذة مساعدة في العلوم السياسية بجامعة كانجوون الوطنية. تركز أبحاثها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أستاذة مساعدة في العلوم السياسية بجامعة كانجوون الوطنية. تركز أبحاثها على السياسة الخارجية للولايات المتحدة

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"