توافق إماراتي عُماني

00:18 صباحا
قراءة 3 دقائق

في كل زيارة لمسؤول إماراتي لعُمان، يخرج المراقب بانطباع إيجابي عن عمق الأخوّة بين البلدين. هناك الكثير من الأواصر التي تجمعنا مع العمانيين، وتجعل من رابطة الجوار أعمق وأكثر رسوخاً. وعُمان المتميزة باستقرارها السياسي والفكري والاقتصادي، لا تمنح الزائر إلا المزيد من الثقة بأن العلاقات بين البلدين لا تسير إلا نحو الأفضل والتكامل والرفعة. زيارة الشيخ عبدالله بن زايد قبل يومين إلى مسقط ولقاؤه بوزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي تندرج في هذا الإطار الأخوي المتواصل. فالمنطقة تواجه الكثير من التحديات. إنها تحديات وجود إذا جاز التعبير.
والتشاور اليوم يبلغ أهميته بين البلدين، لأن من الصعب تخيل أن يأتي بلد واحد بكل الحلول لمشاكل المنطقة. لعُمان خبرة في التعامل مع الأزمات مثلما لدى الإمارات. والمحيط الجغرافي الحالي يحتاج توافقات سياسية بين دول المنطقة وتبادل للأفكار للوصول إلى باب للحلول. وهنا ينبغي تشخيص أن النشاطين السياسي الإماراتي والعُماني يتكاملان. ولعل هذا مغزى الزيارة. عُمان في ظل القيادة الخبيرة والحكيمة للسلطان هيثم بن طارق آل سعيد تعيش عصر التجديد والتغيرات. ولعل الملمح الداخلي للبلد في التحديث لا يخفي أيضاً دوره الإقليمي، وهذا ملموس يومياً في نشاط الدبلوماسية العمانية. عُمان بلد العلاقات بامتياز. وليس من المبالغة القول إن ذروة هذا الامتياز تقوم على علاقة عُمان بالإمارات. تقوم العلاقات العُمانية الإماراتية على ركائز صلبة وأرضية راسخة وخطوات متتابعة لتعميق مجالات التعاون بخطى حثيثة نحو آفاق أرحب، لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة للدولتين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات. فعلى امتداد السنوات والعقود الماضية، خطت الحكومتان والشعبان الشقيقان خطوات ملموسة لتعميق وتوسيع مجالات التعاون والتنسيق بين الدولتين الشقيقتين، سواء في إطار مجلس التعاون الخليجي أو على صعيد العلاقات الثنائية الطيبة والمتنامية في كل المجالات.
إن ما يجمع البلدين هو جيرة الخير والمصير المشترك، وما يسمهما هو روح الحداثة التي تدرك أن التقدم والأصالة صنوان لا ينفصلان. وتواصل العلاقات الإماراتية العمانية نموها السريع في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والسلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد سلطان عمان. ويمثل تعميق العلاقات مع سلطنة عمان أولوية رئيسية لدى القيادة الإماراتية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تترجم معدلات النمو المتزايدة لحجم التبادل التجاري والاستثماري المشترك، حالة التفاهم والترابط التي تجمع البلدين، إذ سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نحو 45 مليار درهم نهاية عام 2018، فيما تعد السلطنة ثاني أهم شريك في التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتستحوذ على ما نسبته 20% من إجمالي التجارة غير النفطية للدولة مع دول مجلس التعاون الخليجي. ويقدر متوسط النمو في حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين خلال السنوات الخمس الماضية بنحو 10%، ويمتلك البلدان فرصاً للشراكات في عدد من القطاعات الرئيسة التي من شأنها خدمة أهدافهما التنموية، ومن أبرزها تنمية وتنويع حجم التبادل التجاري، والعمل على تعزيز الاستثمارات المشتركة في قطاعات البنية التحتية والنقل والخدمات اللوجستية لتعزيز المسارات التجارية، فضلاً عن دراسة التعاون في مجال السياحة.
وبلغ عدد الشركات الإماراتية والعُمانية المشتركة العاملة في السلطنة حتى يناير /كانون الثاني 2019 حوالي 2800 شركة، وتتركز استثمارات هذه الشركات في الصناعات التحويلية والطاقة والمياه والأنشطة المالية والإنشاءات والعقارات والتجارة، فيما يوجد نحو 320 علامة تجارية و22 وكالة تجارية عُمانية مسجلة في دولة الإمارات حتى نهاية 2018. هذه نظرة بسيطة على المعطيات الاقتصادية بين البلدين. فماذا إذا أخذنا الأبعاد الاستراتيجية في الاعتبار؟ إنها قصة تكامل. الشيخ عبدالله بن زايد يلخص بقوله العلاقة في تصريح أثناء الزيارة: إنّ «العلاقات الإماراتية العمانية تزداد تطوراً ورسوخاً في ظل دعم ورعاية من قيادتي البلدين»، مؤكدا «الحرص على تعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة». الملف الأقرب هو العلاقات الخليجية. وقد أثبت البلدان أنهما على توافق تام في هذا الخصوص وما يمكن أن يعزز من العمل الخليجي المشترك.
جروح المنطقة النازفة والتدخلات الخارجية وجائحة كورونا والوضع الاقتصادي في العالم، كلها محطات للبحث بين البلدين. سنرى المزيد من التوافق بين بلدين يعرفان ما يريدان لشعبيهما في هذه المرحلة الدقيقة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"