عادي

جوانتانامو..وعود إغلاق صعبة

00:07 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

إعداد: بنيمين زرزور

يتجدد الحديث عن إغلاق معتقل جوانتانامو السيئ السمعة مع وجود إدارة جديدة في البيت الأبيض، وسط تساؤلات عديدة حول جدوى مثل هذه المعتقلات وماهية السجناء الذين يقبعون فيها منذ سنوات. لكن الأهم من ذلك السؤال المتعلق بفشل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما في إغلاقه رغم الوعود المتكررة، وموقف الكونجرس من مثل هذه الخطوة وما إذا كان الرئيس جو بايدن قادراً على تمرير قرار الإغلاق.

أعلن مسؤول بالبيت الأبيض قبل أيام أن إدارة بايدن بدأت مراجعة رسمية بشأن مستقبل السجن العسكري الأمريكي بهدف إغلاق هذه المنشأة المثيرة للجدل.
 وتزداد التكهنات بإصدار الرئيس بايدن أمراً تنفيذياً خلال أسابيع أو أشهر على أبعد تقدير، بإغلاق المعتقل الذي يمثل وصمة عار في سجل الولايات المتحدة الخاص بحقوق الإنسان، وهي التي تدعي حمايتها على المستوى العالمي وتوزع شهادات حسن سلوك وسوء سلوك فيها على دول العالم ضمن سياسة العصا والجزرة.
 وقالت إميلي هورن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: «نحن في مجلس الأمن القومي ندرس الوضع الحالي لمعتقل جوانتانامو الذي ورثته إدارة بايدن عن الإدارة السابقة بما يتماشى مع هدفنا الأساسي وهو إغلاق السجن نهائياً. وسوف نعمل بشكل وثيق مع وزارات الدفاع والخارجية والعدل لإحراز تقدم في هذا الملف بالتشاور مع الكونجرس».
 وفي وقت لاحق، أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» بياناً أيدت فيه هذا التوجه. وأوضح البيان أن وزير الدفاع لويد أوستن، يؤمن بضرورة إغلاق معتقل جوانتانامو ويدعم قرار الرئيس بهذا الشأن.
وتعيدنا مثل هذه الأخبار المتماشية مع وعود بايدن الانتخابية، إلى وعود مماثلة لم تنفذ، قطعها الرئيس الأسبق باراك أوباما.
وقد وصف أوباما إغلاق المعتقل بأنه يتعلق بالخلاص من حقبة من تاريخ الأمريكيين، ويعكس الدروس التي تعلموها منذ الحادي عشر من سبتمبر وهي دروس ينبغي أن تنير الدرب للأمة.
 تعارض مواقف
 وقد فشل أوباما في تحقيق التوازنات المطلوبة في حينه للحصول على موافقة الكونجرس المعارض بشدة لعملية الإغلاق. وعرقل الكونجرس كل الجهود التي حاول أوباما من خلالها إغلاق المعتقل، وعلى الرغم من ذلك، فقد أحرز أوباما تقدماً كبيراً نحو تحقيق هذا الهدف، إذ نفذت إدارته عمليات قانونية وسياسية صارمة لفحص كل سجين واقتراح نقل بعض السجناء للخارج. ولم يبق عند مغادرة أوباما البيت الأبيض في 20 يناير 2017، إلا 41 سجيناً فقط داخل المعتقل.
 وبقي المعتقل قائماً وسط تجاذبات سياسية بين وزارات الدفاع والعدل وانقسامات بين المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي فيما يخص تقييم المعتقل ومخاطر السجناء القابعين فيه والموسومين بالإرهاب، لكن معظمهم محتجزون لما يقرب من عقدين دون محاكمة أو توجيه اتهامات لهم.
 من جانبه تخلى ترامب كلياً عن فكرة إغلاق المعتقل بمجرد توليه الرئاسة في عام 2017. بل إن ترامب هدد بملئه «بأشرار العالم»، وتركه مفتوحاً طوال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض.
 وتبلغ تكلفة بقاء المعتقل الواقع جنوب شرق كوبا مفتوحاً، حوالي 445 مليون دولار سنوياً. ويعتبر عنصر التكلفة من الحوافز الرئيسية التي يتحدث عنها مؤيدو الإغلاق، لكنه ليس العنصر الأساسي الذي يحدد ما إذا كان ملف جوانتانامو العتيد سوف يُطوى نهائياً.
 ويتمحور الجدل الدائر حول إغلاق المعتقل حول مجموعة من العناصر التي ينظر إليها أصحاب القرار كل من منظور مصالحه السياسية الخاصة. وأبرز هذه العناصر جدوى الاحتفاظ بالسجناء الذين ينتمون إلى عدد من الدول حيث يرى المتشددون أنهم محاربون معادون للدولة الأمريكية وينبغي أن يظلوا قيد الاحتجاز لتجنب شرورهم. وهناك من يدعو إلى استخدام الوسائل القانونية لفرز المعتقلين وبالتالي إطلاق سراح البعض ونقل الآخرين إلى سجون داخل الولايات المتحدة باعتبارهم مدانين بأحكام وفق القانون الأمريكي.
 تاريخ مشبوه
 من المعروف أن الرئيس السابق جورج بوش الابن افتتح معتقل جوانتانامو في قاعدة بحرية أمريكية تحمل نفس الاسم جنوب شرقي كوبا، وهي القاعدة التي أجّرتها كوبا منذ عام 1903 للرئيس تيودور روزفيلت مقابل ألفي دولار كمكافأة لواشنطن على دعمها في حرب كوبا. وقد خصصها بوش لاحتجاز الأجانب المتهمين بالإرهاب في أعقاب هجمات سبتمبر 2001. ووصل أول سجين إلى جوانتانامو يوم 4 يناير /كانون الثاني 2002.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن المعتقل الذي دخله 780 نزيلاً منذ افتتاحه، ضم كثيراً من دون تهم أو محاكمات.
ويقول المفكرون من دعاة الحرية أن معتقل جوانتانامو نموذج لعالم يخلو من القيم الإنسانية وتنعدم فيه الأخلاق ويتم معاملة المعتقلين بغلظة لا مثيل لها.
 ويمتاز السجن بالسلطة المطلقة لوجوده خارج الحدود الأمريكية، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان إلى الحد الذي جعل منظمة العفو الدولية تقول أن معتقل جوانتانامو الأمريكي يمثل نموذجاً صارخاً لهمجية هذا العصر.
وقد كشفت تسريبات ويكيلكس حول معتقل جوانتانامو التي نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» وتناقلتها وسائل إعلام عالمية، حجم الهمجية التي تتعامل بها الحكومات الأمريكية المتعاقبة مع نزلائه، حيث جاء فيها أن معظمهم من المزارعين الأفغان والباكستانيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل. واستشهدت التقارير بوجود شيخ عمره 89 عاماً وطفل عمره 14 عاماً بين السجناء.
 حظوظ بايدن في النجاح
 لكي يتمكن جو بايدن من تحقيق وعوده لابد أن يحصل على موافقة الكونجرس، وهي خطوة بالغة الأهمية، مع العلم بأن كلا المجلسين في الكونجرس تسيطر عليهما أغلبية من الحزب الديموقرطي. وهذا يرجح فرص نجاحه خاصة وأن من يعارض إغلاق المعتقل هم في الغالب من الجمهوريين، فضلاً عن أن مرور ما يزيد على 6 سنوات على حملة أوباما الذي واجه وضعاً مختلفاً في الكونجرس، قد يسهل مهمة إدارة بايدن.
ورغم أن ملف إغلاق المعتقل ليس على رأس أولويات بايدن الذي تغص أجندته بالمهام المستعجلة، إلا أن مجرد تحريك ملف إغلاق جوانتانامو من قبل الإدارة الجديدة يبعث الأمل مجدداً في الخلاص من واحد من أسوأ المعتقلات سمعة في عالم اليوم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"