عادي
تربويون يطالبون بأن تكون جزءاً من الحصص الدراسية

الواجبات المنزلية «عن بعد».. إرباك للطلبة وهمٌّ لأولياء الأمور

23:07 مساء
قراءة 5 دقائق
1

تحقيق: محمد الماحي
تزايد البحث والنقاش حول القيمة الأكاديمية للواجبات المنزلية للطلبة، خاصة مع الظروف الدراسية عن بعد، التي فرضها انتشار جائحة كورونا، وتحويل المنازل إلى فصول دراسية باستخدام وسائل التكنولوجيا، وزيادة الأعباء على أولياء الأمور في متابعة دراسة أبنائهم.

«الواجبات المنزلية هي واجبات الأمهات» هكذا يقول التربويون، والحقيقة أنها كذلك لأن الأمهات معاناتهن كبيرة مع أبنائهن التلاميذ الصغار بسبب تهربهم من حل الواجبات المدرسية، سواء حال التعليم الحضوري أو التعليم عن بعد بسبب تفشي فيروس كورونا، إذ أصبح على الأم العاملة من المنزل أن تقوم بجميع مهامها اليومية كزوجة وأم وموظفة على نحو متوازٍ، بالإضافة إلى دور المعلم والإشراف علي عملية التعليم عن بعد بشكل يومي، يأتي عبء الواجبات المنزلية مما قد يفقدها توازنها وربما صحتها العقلية دون مبالغة.

وبشكل عام فإن فرض الواجبات المنزلية ربما يشكل إرباكاً للطلبة مع هذه الظروف الدراسية المستجدة، والمطالبة بتأديتها بأسلوب صحيح، يجب أن لايمثل زيادة في الأعباء الدراسية على الطالب، وفي الوقت ذاته لا يمثل عبئاً إضافياً على أولياء الأمور بوصفهم عنصراً رئيساً في تحفيز الطالب وتشجيعه ومساعدته على تأدية واجباته، والتغلب على الصعوبات التي قد تواجهه أثناء عملية التعليم عن بعد،كما يجب أن تصبح الواجبات المنزلية طريقاً لتحصيل أعلى الدرجات العلمية، وهو الهدف الرئيسي من العملية التعليمية التي يتشارك فيها الطالب والمنزل والمدرسة، وهذا يتحقق عندما تكون الواجبات وفقاً لأساليب علمية ناجحة، ومنها أن تناسب قدرات الطلبة وتراعي الوضع الجديد للدراسة خلال التعليم عن بعد.

حياة عائلية

اكتسب مصطلح الواجبات المنزلية معنى جديداً تماماً مع بداية تجربة التعليم عن بعد، وأصبحت هناك ضرورة لتطبيق مجموعة من الاستراتيجيات بهدف ضمان الاستثمار الأمثل لوقت الطالب خلال اليوم الدراسي، لذلك أعلنت وزارة التربية والتعليم في فبراير من العام الماضي عن مبادرة «وقتي الأمثل»، التي تتضمن إلغاء الواجبات المدرسية، ودمج حصتين لعدد من المواد الدراسية، كمرحلة تجريبية في مدارس قطاع العمليات المدرسية (2)، وعددها 256 مدرسة حكومية، منها 23 مدرسة بدبي، و233 مدرسة بأبوظبي، تمهيداً لتعميمها.

وتهدف المبادرة إلى دعم تحقيق التوازن بين المتطلبات الأكاديمية التي يسعى الطالب لتحقيقها، وحياته العائلية اليومية التي تعد جزءاً أساسياً من نموه وتطوره الشخصي.

وطالبت لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام بالمجلس الوطني الاتحادي، إدارات المدارس وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، إيجاد حلول جذرية لمعضلة كثرة الواجبات والفروض المدرسية، وذلك من خلال استقطاع جزء من دوام الطلبة أو تخصيص جزء من الحصص الدراسية أو الوسائل التعليمية لإنهاء الواجبات التي أصبحت ترهق كاهل الطلبة وتسبب الإرباك على صعيد الأسرة.

تفكير كبير

أكد ذوو طلبة أن المعلمين يطلبون من واجبات منزلية طويلة، ومحتواها صعب، يفوق قدراتهم العلمية، وتمثل معاناة كبيرة لأبنائهم في مختلف المراحل الدراسية، لافتين إلى أن بعض الواجبات، مثل الرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء، تحتاج إلى تفكير كبير وتفكيك، وبعضها من خارج المناهج الدراسية، وتمثل تحدياً كبيراً أمام الأمهات والآباء، بعدما أصبحوا يقومون بدور المعلم في نظام التعليم عن بعد، لافتين إلى أن الأبناء يهربون من حل واجباتهم الدراسية، بسبب طولها وصعوبتها، مطالبين بتخفيف الأعباء الدراسية عن أبنائهم.

تقول لميس خالد، «ولية أمر طالب في الصف الرابع»، إن الواجبات الدراسية التي يطلبها المعلم أو المعلمة خلال التعليم عن بعد تفوق مستوى قدرات الطلبة، والمعلومات مكثفة بطريقة غير مفهومة، ما يفرز ضعفاً في تطوير المهارات، وعدم القدرة على التكيف مع المناهج، خصوصاً أن الجائحة فرضت على الكثير تلقي التعليم عن بعد، مطالبة بإيجاد وسيلة فعالة لتعزيز تفاعل المعلم مع الأبناء عن بعد.

وأكدت ميساء السهلي، «ولية أمر طالبة في الصف الثاني»، معاناة الطلبة من صعوبة الواجبات، خصوصاً أن المناهج تحتوي على مفاهيم ومصطلحات صعبة، تحتاج إلى شرح وافٍ، ولكن بعض المعلمين لا يقدر ذلك، ويقوم بإعطائهم واجبات من خارج المناهج، ما يضطرهن لتوجيه أبنائهن للرجوع إلى الإنترنت بحثاً عن الإجابات، أو اللجوء إلى معلم خصوصي لتدريس الأبناء عن بعد.

المهارات والمعلومات

وطالب خبراء تربويون بأن تكون الواجبات المدرسية جزءاً من الحصص الدراسية، والاستعاضة عنها بالتطبيقات العملية اليومية التي تنفذ نهاية كل حصة، بما يسمح بتعزيز المعارف والمهارات، وتثبيت المعلومات، والإجابة عن أسئلة الطلبة واستفساراتهم، فيما يرى خبراء آخرون أن الواجب البيتي مهم، إلا أنهم يشيرون إلى إمكانية التوازن في كمية الواجبات المنزلية والتنسيق بين المدرسين.

ويقول الدكتور مايكل بارتليت، مدير مدرسة رايزينج الأمريكية، يفضّل جميع الطلاب عدم القيام بأي أعمال مدرسية بعد انتهاء الدوام المدرسي، وهناك العديد من الأسباب الوجيهة التي تجعل إلغاء الفروض المنزلية خطوة مفيدة لعملية التعلم. أهمها العجز الذي قد يشعر به الطلاب الذين يواجهون صعوبات في هذه المواد التعليمية عند تركهم لحل الفروض المنزلية بمفردهم، لعدم امتلاك الوالدين للمؤهلات التعليمية الكافية، ما يجعلهم عاجزين عن المساعدة بالشكل الأنسب،في حين لا يجد الطلبة المتفوقين أي حافز في مثل هذه الفروض.

وتابع: وعوضاً عن ذلك يتم اتباع منهجية الاستقصاء في العملية التعليمية، حيث يتعلم الطلاب عبر استكشاف محيطهم. ويتعذر تحقيق ذلك إذا تم تكليفهم بفروض منزلية لا تنتهي، حيث لا تتاح لهم إمكانية طرح التساؤلات المهمة التي قد تخطر في بالهم من خلال ترسيخ حب التعلم لدى الأطفال عبر تشجيع العوامل التحفيزية الجوهرية. ويتحقق ذلك عبر التعاون مع المعلمين وتزويدهم بعدة مصادر جذابة، بحيث لا يحتاج الطلاب أو المعلمون إلى وقت إضافي للدراسة.

وتختلف الخبيرة التربوية نورة سيف المهيري مع ما سبق وترى، أن الدراسات تشير إلى أن من أهم مزايا (الواجب المنزلي) أنها تعمل على تشجيع التعليم المدرسي، وتطوير المهارات مثل تحسين عادات الطلبة وانضباط النفس، والاعتماد على النفس في حل المشكلات، وإثارة حب الاستطلاع، مشيرة إلى أن الواجبات المنزلية، من الأنشطة التعليمية المخطط لها والمحددة من المعلم ليقوم بها الطالب في المنزل بهدف تحسين مستواه.

ولفتت إلى أن الواجبات المنزلية بمفهومها الحديث تشجع الطالب من خلال أنشطة جذابة ليكتسب مفاهيم جديدة، فلابد أن تكون هذه الأنشطة موائمة مع متطلبات العصر وأن تكون على هيئة مشاريع أو أبحاث تعتمد على قدرات الطالب نفسه وتكشف عن قدراته ومهاراته وإبداعاته لندعمها

ويقول الخبير التربوي محمد راشد رشود، لا تتوقف المناقشات بين أولياء الأمور والمعلمين حول جدوى الواجبات المنزلية واقتراحات إلغائها على مدار عقود طويلة، لاسيما أن نتائج الدراسات في هذا الموضوع غير قاطعة. فهل يحسن الواجب المدرسي من مستوى التلميذ؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"