مسؤول راحل

00:57 صباحا
قراءة دقيقتين

إن التغيير في كل شيء هو سنة الحياة، فأناس يرحلون وآخرون يحلون محلهم، ولا تختلف الإدارة عن سنة الحياة بشيء؛ فالتغيير المستمر سمة من سماتها، وكما أخبرنا بعض من غادروا كراسيهم، فإن كرسي المسؤول أشبه بكرسي الحلاق لا يدوم لأحد.
ومن واقع خبرتي التي تعدت ربع قرن في مجال الإدارة، إلى جانب دراساتي المنتظمة وتنقلي في أماكن عديدة، فقد تعلمت الكثير، وأقولها دائماً بأنني أحياناً أقدم عصارة خبرة دامت سنين طويلة في جلسة لشرب فنجان قهوة لا تتعدى الساعة، أو عبر مقالة لا تتطلب قراءتها أكثر من دقيقتين.
أما غايتي من هذا الطرح فهي تسليط الضوء على موضوع تعاقب الإدارات، وكيفية التعامل في بعض جوانبها، وخصوصاً مسألة تقييم الموظفين، حيث إن بعض المسؤولين يقومون قبيل مغادرتهم بتصفية حسابات مع من كان يعمل معهم ولم يوافقوه في بعض الأمور، فبدلاً من أن يترك واحدهم أثراً طيباً يذكر فيه بالخير، يخلّف وراءه أثراً سيئاً قد ينال من جرائه دعوات إلى ما تبقى من عمره.
فعلى سبيل المثال، بمجرد أن يدرك أحد المسؤولين أن وقته قد أزف، يعمد إلى استخدام سلطته لمصلحة من يهمه أمرهم، ليصدم من رفض من معه لما يفعله بسبب تجاوزه في بعض الأمور للأنظمة الإدارية، فيبيّت في نفسه حقداً، ينفّث عنه قبل رحيله عبر ترك تقييم سلبي لكل من عارضه، ضارباً بعرض الحائط الجهد الكبير الذي بذله هؤلاء حتى يكسبوا مكانتهم في الجهة التي يعملون بها.
وهنا تأتي حكمة الإدارة الجديدة في التعامل مع مثل هذه الأمور، فبعض المسؤولين يسارعون إلى اعتماد تلك التقييمات عن حسن نية، وهم لا يدرون أن هؤلاء المديرين والمسؤولين تم تقييمهم ظلماً.
صادفتني خلال عملي مثل تلك الحالات، واستطعت التعامل معها بطريقة مختلفة، حيث كنت لا أعتمد على آخر تقارير خصوصاً في تقييم الموظفين ممن سبقني، بل كنت أستدعي مدير الموارد البشرية وأطلب منه جلب ملف لكل موظف لدي في الإدارة، لأراجع معه تقييماته السابقة وأقابله شخصيّاً، وبعدها يكون التقييم الذي أراه مناسباً وبهذه الطريقة، أعطي الموظف حقه وما يستحقه جزاء عمله، ولا أكون مشاركاً في ظلم أحد بناء على أهواء أو مصالح شخصية من مسؤول سابق.
لذلك كله، فنصيحتي اليوم لكل مسؤول وإداري في مكان مسؤولية جديد هي ألا يعتمد على آخر تقييم لأي موظف لديه، بل أن ينظر إلى تقييماته وتقاريره في السنوات السابقة، ويتبعها بمقابلة شخصية بالتشاور مع الموارد البشرية، وبعدها يقرر بشكل موضوعي التقييمات المناسبة، فلا يكرر الغلطة نفسها بالطريقة نفسها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"