مستقبل واعد للشباب

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين

خلال العقود القليلة الماضية، حققت البشرية قفزات نوعية فيما يتعلق بسوق العمل، الذي لم يعد يقتصر على شركات أرض الواقع؛ بل تعدى ذلك إلى الأسواق الافتراضية عبر الشبكة العنكبوتية التي غزت كل بيت في أرجاء المعمورة.
ثم أصبح العالم مع مرور السنين قرية صغيرة كما تنبأ البروفيسور الكندي مارشال ماكلوهان الذي لم يصدقه أحد وقتها، إلى أن حدثت الثورة التقنية والانفجار المعرفي وظهر الذكاء الاصطناعي، فتحولت المجتمعات إلى بوتقة واحدة؛ حيث لا غرابة أن ترى أناساً من بيئات وأديان مختلفة يجتمعون في مطعم ياباني، يلتقطون صورة جماعية لهم والابتسامة ترتسم على وجوههم، وأن تشاهد من داخل غرفتك المحدودة دون أن تتحرك من على كرسيك قيد أنملة، ما يجري في أية بقعة على هذه الأرض خلال أي وقت تختاره.
كل ذلك مهد الطريق لظهور سوق العمل الافتراضي المتنوع، الذي أصبح اليوم مكمّلاً أو حتى بديلاً لسوق العمل الواقعي، الذي كان الخيار الوحيد أمام الأجيال الصاعدة، ممن يبحثون عن فرصة لتأسيس أنفسهم والحصول على عمل مناسب في العالم الحقيقي.
في السابق، كانت هناك أصوات كثيرة تناشد القطاع الخاص التحرك وتقديم المبادرات لدعم شباب الوطن، لكن النتيجة لم تكن على قدر الآمال، وأصبحت تلك المناشدات أشبه بأسطوانة مكسرة وكلام مستهلك عفا عليه الزمن.
اليوم، في ظل التطور المعرفي والتكنولوجي على مختلف الصعد، وظهور فرص عمل لامتناهية على شبكة الإنترنت، أصبح بإمكان الفرد تقديم خدماته في أي تخصص يتقنه، سواء كان ذلك في مجال التصميم أو البرمجة أو غير ذلك، وسواء قام بذلك عبر المواقع الإلكترونية التي تُعنى بتقديم الخدمات، أو من خلال موقعه الخاص الذي يؤسسه من الصفر انطلاقاً من فضاء العالم الافتراضي الواسع.
الآن أكثر من أي وقت مضى، أصبح كل شيء متاحاً أمام جيل الشباب الحالي والمستقبلي؛ إذ لم تعد هناك حواجز أو قيود أو صعوبات كما في السابق في اكتساب المعرفة والخبرات على اختلافها، وصار باستطاعة كل فرد طموح أن يبني نفسه بنفسه، دون الحاجة إلى انتظار عطاءات القطاع الخاص.
وبينما كان معظم الناس قبل سنوات قليلة خلت يعتقدون أن الوظيفة هي الملاذ الوحيد لعيش حياة كريمة وآمنة، أصبحت الغالبية العظمى اليوم تدرك أن الواقع الجديد يتيح لكل مواطن شباب فرصة تأسيس مشروع خاص به، وإمكانية أن يكون سيد عمله، بدلاً من أن يعمل موظفاً.
وبالتالي، فإن شباب اليوم والغد قادرون على النجاح بجهودهم الشخصية، وجعل شركات القطاع الخاص تسعى جاهدة لاستقطابهم، بهدف استثمار مواهبهم الفريدة، ومهاراتهم الاستثنائية، ومعرفتهم المكتسبة بشكل ذاتي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"