ليس خرافة ولا فزاعة

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

يفصل البعض نفسه عن مجتمعه فقط عندما يأتي دوره ليقوم بواجباته ويتحمل مسؤولية ما قد يحدث للآخرين خارج حدود بيته بسبب أفعاله وتصرفاته. يرى المسؤولية تمشي باتجاه واحد، وهو الاتجاه الذي ينطلق من الغير ليصل إليه وإلى أسرته، والاتجاه المنطلق أيضاً من الدولة ليصب في مصلحته الشخصية. 
يتجاهل هؤلاء أهمية «المسؤولية الفردية» وهو ما نراه كثيراً في مواقف السيارات حيث يتصرف البعض بأنانية شديدة، وخلال قيادة السيارات، وإزعاج الناس بالأصوات المزعجة ليلاً، وفي رمي النفايات.. لكن الأخطر من كل ذلك، هو عدم تحمل المسؤولية الفردية في النواحي الصحية، وقد رأينا في محنة كورونا الكثير من النماذج غير المسؤولة والتي تتعمد تجاهل الواقع والتعالي عليه وكأن الوباء مجرد خرافة أو فزاعة نخيف بها الأطفال أو العصافير. 
هؤلاء المتعمدون التعامل مع الوباء بإهمال، لا كمامة ولا تباعد ولا تعقيم.. وكأن الرذاذ لا يخرج من أنفاسهم إلا معطراً معقماً، ونحن المكممين نحميهم من الفيروس الكامن في أبداننا!! يتصرفون بعدم إحساس بالمسؤولية المجتمعية، ولا يشغلون بالهم بها لأنها لا ترد في حساباتهم. لا يتركون مناسبة إلا ويشاركون في التجمعات وينطلقون بلا أي ضوابط، فيدفع المجتمع كله الثمن لأن تزايد أو استمرارية وجود إصابات كورونا تفرض على الجميع مواصلة الحذر الشديد. 
طالما الحل موجود ويضمن حماية الكل من الوباء، فلماذا لا نتبعه؟ ما فعله بعض الناس في الإمارات يعتبر مبادرة فردية إيجابية تنعكس بالخير على المجتمع أيضاً؛ ففي العيد علق البعض «يافطات» لوحات على مداخل بيوتهم تتضمن شروطاً لمن يرغب في دخول منازلهم أو زيارتهم، ولم يقتصر الأمر على زيارات المعايدة بعيد الفطر بل حافظوا عليها لتكون قاعدة ثابتة ودائمة يتم تطبيقها على كل من يرغب في زيارتهم.
قد يستغرب البعض هذه الاشتراطات التي يضعها أصدقاء أو أقرباء عليهم قبل استقبالهم، لكنها محقة ومنصفة، إذ لا عيب ولا خجل عندما يتعلق الأمر بحماية كبار السن وحماية الأهل والنفس من مرض أو وباء يتسبب في آلام شديدة وأعراض قد تدوم لأشهر لا أيام، كما قد يؤدي إلى الموت. 
«لوحة الشروط» على الأبواب دليل وعي بحجم الكارثة التي أصابت العالم وخصوصاً الدول التي لم يلتزم شعبها بالإجراءات الاحترازية مثل الهند. ولو عممنا المبادرة لساهمنا بنشر هذا الوعي ونشر التوعية بأهمية اللقاح وساهمنا بالتالي في الحد من مخاطر الفيروس الذي لن يختفي بين ليلة وضحاها ولا خلال أشهر، والمفروض أن نتحلى بالذكاء والمسؤولية ونتخلى عن الأنانية كي نخرج جميعاً من المحنة بسلام.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"