ونحن نحتاج إلى اعتذارات

01:02 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

إذا كان الاعتذار عن الخطأ العادي فضيلة وفعلاً أخلاقياً، فكيف إذا كان الخطأ خطيئة وبحجم إبادة وجريمة ضد الإنسانية، أو مؤامرة أدت إلى تقسيم أوطان أو احتلالها، أو تشريد شعب بأكمله، أو شن حرب تحت مبررات كاذبة وشعارات زائفة أهلكت شعباً وأودت بحياة مئات الآلاف، ودمرت مؤسسات وبنى تحتية؟

 ألمانيا اعتذرت لناميبيا عن الحقبة الاستعمارية التي أدت إلى إبادة قبائل في مطلع القرن الماضي، وهو اعتذار مستحق، ووعدت بتقديم مساعدات تنموية تعويضاً متأخراً عن تلك الجرائم، ورواندا هي الأخرى تستحق الاعتذار من الرئيس الفرنسي لعدم قيام القوات الفرنسية بواجب منع المجازر التي أودت بحياة أكثر من مليون إنسان العام 1994، ورئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو بيرلسكوني اعتذر للعقيد الراحل معمر القذافي العام 2008 عن «الجراح الغائرة التي سببها الاستعمار الإيطالي»، وقدم تعويضاً بقيمة خمسة مليارات دولار، وملك بلجيكا فيليب بعث العام الماضي برسالة إلى رئيس الكونغو يعتذر فيها عن «قسوة الماضي الاستعماري لبلاده».. هذه الاعتذارات حصلت خلال الفترة القليلة الماضية من جانب أكثر من دولة، ورغم أن الاعتذار لا يدمل جراحاً ولا يعوض نفوساً بريئة، لكنه يبقى بشكله الرمزي اعترافاً بخطيئة ارتكبت، وقيمة إنسانية تقدم للضحايا من لدن دولة مارست فعلاً شنيعاً يرتقي إلى حد الإبادة أو الجريمة ضد الإنسانية.

 نحن العرب نحتاج إلى جملة اعتذارات من دول غربية مارست ضدنا أبشع أشكال الظلم، وارتكبت بحق شعوب الأمة فظائع لا تزال تداعياتها قائمة حتى الآن. 

 نحن نحتاج إلى اعتذار عن مؤامرة «سايكس - بيكو» الشنيعة التي أدت إلى تقسيم أرضنا بين فرنسا وبريطانيا، بعد وعود كاذبة بمنح الحرية والاستقلال للدول العربية، إذا ما تمت هزيمة الدولة العثمانية، فكان الجزاء تقسيماً وتفتيتاً وتذريراً، لا تزال مفاعيله قائمة حتى يومنا هذا.

 ونحن نحتاج إلى اعتذار عريض من بريطانيا عن «وعد بلفور» الذي أدى إلى زرع جسم عنصري توسعي غريب في أرض العرب، وطرد الملايين منها، وتسبب بكوارث ومآسٍ وحروب تتجدد كل حين.

 ونحن نحتاج إلى اعتذار من الولايات المتحدة وبريطانيا عن غزوهما العراق العام 2003، تحت أعذار واهية وكاذبة عن أسلحة الدمار الشامل والديمقراطية، وما أدى إليه الغزو من جرائم بحق الإنسانية طالت مئات الآلاف من الأبرياء جلهم من الأطفال، إضافة إلى دمار هائل طال مختلف جوانب الحياة، وقضى على الروابط التي كانت تشد مختلف فئات الشعب العراقي إلى بعضها، ثم زرع الإرهاب والفتن الطائفية والمذهبية.

 من يعتذر للشعب العراقي عما أصابه جراء الغزو؟ من يعوضه عن سنوات النار والرصاص والفتن؟ من في العراق وغيره يرفع الصوت مطالباً بالعدالة وجبر الأضرار؟ من يدعو إلى التحقيق في الفظاعات وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في سجن أبوغريب وغيره؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"