متاهة الجدل العقيم

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

من يقيس مكانة النجم بالأرقام، فإنما يقلل من قيمة هذا النجم ويُدخله في متاهة الجدل العقيم الذي بتنا ننام ونصحو على إيقاعه. فلان هو «النمبر وان»، وفلانة هي الأولى في العالم العربي، ومشادات وصراعات، من احتل الصدارة؟ ومن يعتلي عرش التمثيل؟ 
كل نجم متمكن من أدواته، متمرس متحصن بتراكم خبراته، مطوِّر لموهبته وأدائه، مبدع يتفنن في تغيير جلده وفق الدور والحالة التي يريد أن يجسدها على الشاشة. هو ملك بأمر من الجمهور الذي يحب مكافأة الممثلين المتميزين بالثناء والتقدير، لكن هذا التتويج لا يعني أن قلب الجمهور لا يتسع إلا لحبيب واحد، فليحيى الفخراني مكانته ومحبته، ولعادل إمام مكانته ومحبته أيضاً. هل الجمهور الغفير الذي بكى النجم الراحل سمير غانم وملأ صفحات التواصل الاجتماعي نعياً له وبكاء وترحماً، لا يحب عادل إمام ويعتبره نجماً لا يتكرر؟ طبعاً لا. فلكل منهما مكانته وقدره ولا يمكن لأحد من النجوم أن يلغي أحداً. 
لماذا الانحدار إلى مستوى النكايات فتشتعل حرب على «السوشيال ميديا» يقحمون الجمهور فيها، لتأكيد أن يسرا هي النجمة الأولى، لا ياسمين عبد العزيز، في السينما والتلفزيون وفي العالم العربي كله لا في مصر فقط؟ لا مجال للمقارنة بين هذه وتلك، ولماذا المقارنة والمزاحمة وكأن الساحة الفنية لا تتسع للاثنتين؟ ولمشعلي الحرب نسأل: أين منى زكي في حساباتكم، وهي التي تألقت وتفوقت سينمائياً بفيلم «الصندوق الأسود» في 2020، وتلفزيونياً ب«لعبة نيوتن» هذا العام؟ هل نقول هي الرقم واحد أم لا تستحق؟ 
لا تستحق منى زكي أن نضعها في قوالب مرقمة ونُدخلها في لعبة الحظ والشللية. لا يستحق أي نجم حقيقي أن نعلق في رقبته رقماً ويُدخله البعض في مهاترات وتصفية حسابات شخصية. الفن والموهبة لا يقدّران بثمن، والسباق الرمضاني إنما يكون رمزياً، لكن الشاشة تتسع للكل، والساحة الفنية تتسع لكل الموهوبين، والجمهور قادر على حفظ مكانة كل فنان، وإذا صفق اليوم لفلان، فغداً سيصفق لزميله، كل وفق مجهوده وما يقدم. 
ألم تتسع الشاشة سابقاً لكل المبدعين فقدموا أجمل وأفضل ما لديهم بتجويد مبهر، واتسعت قلوب الجماهير في العالم العربي لفاتن وشادية وتحية، وسعاد وهند وعمر الشريف وأحمد رمزي، وعبدالله غيث ومحمود المليجي، ورشدي أباظة ومحمد فوزي وإسماعيل ياسين، وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز ونور الشريف؟!
لا شادية استطاعت أن تحل مكان فاتن حمامة، ولا هذه استطاعت تقديم ما قدمته شادية، فلكل مكانه ومكانته مهما اشتعلت حروب «السوشيال ميديا»، واحتدت حناجر المدافعين أو المحرّضين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"