عادي

بايدن يراوح مع كوبا بين تشدد ترامب وانفتاح أوباما

17:35 مساء
قراءة 4 دقائق
Afafa

الشارقة-«الخليج»: 

تسيطر حالة من الجمود على العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا، بعد سنوات من التقلب بين القطيعة الطويلة والتطبيع المؤقت، فكل الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ 1962 التزمت بفرض الحصار المشدد على الجزيرة الكوبية، والاستئناء الوحيد كان مع إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي شهد عهده انفراجاً تاريخياً بين عامي 2014 و2016 تم تتويجه بزيارة غير مسبوقة لأوباما كأول رئيس أمريكي يزور هافانا في مارس/ آذار 2016.
وبعد وصول الديمقراطي جو بايدن، كان الظن أن يسير على نهج رئيسه السابق أوباما، لكن ذلك غير واضح، وهو ما أثارته صحيفة «واشنطن بوست» بإشارتها إلى أن موضوع العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا ليس من أولويات إدارة بايدن، رغم وعده خلال حملته الانتخابية بالعودة إلى سياسة التعامل مع هافانا.
علاقة معقدة
الانفراجة التي حدثت في عهد أوباما، انتكست مع مجيء الجمهوري دونالد ترامب الذي شدد الحصار المفروض على كوبا، وأطلق ضدها سلسلة من العقوبات. فالرئيس الخامس والأربعون لم تكن لديه ميول أوباما، ليأخذ تاريخ هذه العلاقات الدبلوماسية المعقدة مرة أخرى منعطفاً 180 درجة، وتراجع الأمل بالانفتاح، وكانت سياسة ترامب تتمثل في توتير العلاقات مع قادة الجزيرة الكاريبية. وبدأت العقوبات في الظهور مرة أخرى بعد فترة وجيزة، عندما فرضت وزارة الخزانة غرامات على شركات لخرقها الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا. وفي سبتمبر/ أيلول 2018، جدد ترامب «قانون التجارة مع العدو»، وهو قانون يدعم الحصار الاقتصادي المفروض على كوبا، وفي عام 2019، وسعت الولايات المتحدة قائمتها السوداء للشركات الكوبية بزعم أنها «خاضعة لسيطرة الخدمات العسكرية».
ومع التغيير الحاصل في البيت الأبيض، لم تتغير السياسة المتبعة مع هافانا، وفي مايو/أيار الماضي، أعربت كوبا عن استيائها إزاء حفاظ الولايات المتحدة على موقف إدارة ترامب في ما يخص اعتبار كوبا «دولة لم تتعاون مع واشنطن في محاربة الإرهاب بشكل كامل»، ولا تزال هافانا على قائمة منفصلة لدى الولايات المتحدة، تخص الدول التي تصنفها الإدارة الأمريكية كـ «دول راعية للإرهاب»، على الرغم من وعود بايدن، خلال حملته الانتخابية، بإعادة النظر في سياسات إدارة ترامب تجاه هافانا. ويبدو واضحاً أن إدارة بايدن ما زالت لم تجد طريقاً، وستظل تراوح، لبعض الوقت، بين تشدد ترامب وانفتاح أوباما.
خارج الأولويات
وتنقل «واشنطن بوست» عن مصادر لها أن تعهد بايدن بسياسة الانفتاح لتحسين العلاقات مع كوبا التي اتبعها أوباما، لم يتم تنفيذه بعد انقضاء خمسة أشهر على توليه رئاسة الولايات المتحدة، وأن موضوع العلاقات بين البلدين يبقى خارج أولويات إدارته؛ لكونه بين «شيء معقد جداً» و«شيء قليل الأهمية».
وأضاف أحد المصادر: «نرى الفوضى في العالم وفي المنطقة، فإننا نحارب الجائحة، وعلينا أيضاً أن نتجاوب مع تدمير الديمقراطية في عدد من الدول. تلك هي الظروف التي نعيش فيها. وعندما يحين وقت العودة إلى موضوع كوبا فسوف نعمل ما يخدم مصلحة الأمن القومي الأمريكي».
ومنذ العام 1961 بعد وصول الحكومة الثورية إلى الجزيرة الكاريبية بزعامة فيديل كاسترو للسلطة، ظلت الدولتان تتعايشان في ظروف مواجهة حادة، كانت من أبرز مظاهرها الحظر المفروض من قبل واشنطن على التجارة مع كوبا.
والشهر الماضي، دعا السكرتير الأول للحزب الشيوعي الكوبي راوول كاسترو إلى «حوار قائم على الاحترام» بين كوبا والولايات المتحدة ومن دون «نبذ الاشتراكية»، مندداً في الوقت نفسه بـ«الحرب الاقتصادية» التي تتعرض لها الجزيرة.
ضغوط القوى المدنية
وفي فبراير/شباط الماضي، وقّع حوالي مئة شخصية كوبية من فنانين وأساتذة جامعيين ومثقفين ورجال أعمال، عريضة تطلب من الرئيس الأمريكي الجديد رفع الحظر الذي تفرضه واشنطن على بلدهم منذ العام 1962.

وتم تسليم هذه العريضة إلى «البعثة الدبلوماسية الأمريكية في هافانا، وإلى البيت الأبيض مباشرة»، ونشرها موقع «لا خوفين كوبا» الإخباري، وهي مفتوحة أمام المزيد من التواقيع.
وطالب موقعو العريضة من بايدن «البدء بتفكيك نظام العقوبات (ضد كوبا) الذي يواصل الإضرار بالشعب الكوبي»، كما أكدوا ضمن رسالتهم أنه «على الرغم من تضحيات جميع الوطنيين في سبيل كوبا ديمقراطية بالكامل، فإنهم ما زالوا بعيدين عن هذا الهدف»، لافتين إلى أن «تحقيق هذا الهدف هو مسؤولية الكوبيين، وليس الضغوط الخارجية».
وتابعوا قائلين: «ليس مطلوباً من الولايات المتحدة أن تصبح حليفاً أيديولوجياً لنا، ولكن يمكنها التوقف عن كونها جارة معادية، ونظراً لعدم التكافؤ في ميزان القوة بين الولايات المتحدة وكوبا، وللطابع الأحادي للعقوبات، فإن من مسؤولية واشنطن أن تخطو الخطوة الأولى».
وبحسب العريضة، فإن إدارة ترامب «فرضت سلسلة عقوبات فاقمت حظراً، هو الأوسع نطاقاً والأطول مدة الذي تتعرض له أي دولة على الإطلاق».
وبالنظر إلى كل هذه التطورات، فإن الولايات المتحدة وكوبا ستظلان جارتين في الجغرافيا، متباعدتين في السياسية والأيديولوجية. وما دامت لم تتبلور بعد السياسة الجديدة لبايدن تجاه أمريكا اللاتينية، فليس من الواضح إن كانت الإدارة الجديدة ستتبع السياسة المشددة لترامب، أم أنها ستعود إلى اتباع نهج أوباما، أم ستختار طريقاً ثالثاً يأخذ في الحسبان معطيات كثيرة أثرت على المشهد الجيوسياسي الأمريكي والعالمي أيضاً.

أوباما مع الرئيس الكوبي السابق راؤول كاسترو خلال مباراة استعراضة في هافانا في 22 مارس 2016 ( أ. ف ب)
أوباما مع الرئيس الكوبي السابق راؤول كاسترو خلال مباراة استعراضة في هافانا في 22 مارس 2016 ( أ. ف ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"