قارن نفسك بالآخرين

00:54 صباحا
قراءة دقيقتين

إذا قارنت نفسك بمن هو أفضل منك فستحفر قبر فشلك بيديك الاثنتين.. إذا قارنت نفسك بغيرك فستضمن بقاءك في القاع.. هكذا يعتقد الجميع تقريباً، حتى أصبحت عبارة «لا تقارن نفسك بالآخرين» مقولة نجترّها يومياً، دون أن نتوقف بالفعل عن مقارنة أنفسنا بمن يفوقوننا نجاحاً وثراء ومكانة.
لكن من الواضح أن بعض النصائح لم يُكتب لها أن ترى النور، لماذا؟ ربما لأنها أساساً لا تحاكي الواقع ولا الطبيعة البشرية. إنك مهما حاولت أن تقنع الناس بضرورة عدم مقارنة أنفسهم بالآخرين، فسيجدون أنفسهم منقادين إلى هذا السلوك.
إن من الطبيعي أن تفكر في وضعك الراهن عندما تقابل شخصاً حقق ما لم تحققه، وخاصة إذا كان يصغرك سناً. ومن لم يختبر هذه المشاعر يوماً، لا بد له من زيارة طبيب نفسي. إنها أحاسيس غريزية لا شر يتأتى عنها إلا عندما تستبد بكيانك فتقعدك عن العمل.
قارن نفسك بمن هو أدنى منك، لا تقارن نفسك بمن هو أعلى منك. هذه أيضاً نصيحة تأتي بصيغ مختلفة. لكن دعني أسألك: إذا قارنت نفسك دوماً بمن سبقتهم فهل ستنجز أكثر؟ كيف لأي إنسان أن يشعر بالتحفيز المستمر، طالما أنه يضع نفسه على رأس الهرم؟ إن من يبلغ أعلى الجبل كما يظن، لن يجد دافعاً للصعود إلى مكان لا يؤمن بوجوده.
كما أن النظر إلى من لم يحققوا ما حققته، قد يصيبك بالغرور، فيعمي بصيرتك عن رؤية وضعك الحالي، وبالتالي تحرم نفسك من النمو والتقدم. تخيل لاعب كرة قدم في بلد آسيوي يقارن نفسه بأقل اللاعبين موهبة ومهارة، فيُسعد بوضعه ويكتفي بما حققه. هل تعتقد بأنه سيجد من بعد ذلك دافعاً لتطوير ذاته؟ على الأغلب لا. بينما لو قارن نفسه بشكل حكيم بأمهر اللاعبين الموجودين في أعظم الفرق العالمية، فستخلق هذه المقارنة حافزاً عظيماً في داخله، يدفعه إلى بذل أقصى طاقته للارتقاء بمستواه.
إن من يقول لك «لا تقارن نفسك بالآخرين»، إما أنه لا يريدك أن تتقدم أكثر، أو لا يدري أن هذه النصيحة المشروخة ربما هي أسوأ نصيحة على الإطلاق. لا شيء يمكنه أن يحفزك أكثر من مقارنة نفسك بمن هم أفضل منك، ولا شيء يمكن أن يحرمك من الدافعية والرغبة في تحقيق المزيد أكثر من مقارنة نفسك بمن أنت أفضل منهم. لكن تذكر دوماً، أن كل شيء زاد عن حده انقلب ضده؛ فقليل من المقارنة يخلق المعجزات، أما الإفراط فيها فيخلق المعوقات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"