رياح من كل الاتجاهات

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

يتعذر علينا أن نضع تصوراً واضحاً لشكل مستقبل أطفال الجيل الرقمي، خصوصاً أننا نعيش في زمن يعشق التقلبات والتغيير، ويقفز قفزات عالية في التطور بمجالات تقنية معينة، ليفاجئنا بابتكارات تكنولوجية، تترك أثراً ملموساً في حياة الإنسان، فكيف سيكون عالم ومستقبل هؤلاء الصغار؟ والسؤال الأهم: ماذا فعل إنسان اليوم وماذا سيترك لأبناء الغد؟ هل الميراث مثقل بالهموم والتعقيدات أم هناك من يسعى جدياً لمراقبة الواقع والافتراضي كي يصحح ويسرع إلى حماية الأطفال من شر ما صنعنا لهم؟ 
منتدى «ود» الأول لتنمية الطفولة المبكرة، الذي نظمته هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، وعقد أمس وقبله في أبوظبي، فتح نافذة نطل منها على حاضر ومستقبل أطفال اليوم، وقد جمع نخبة من الخبراء والمبتكرين والمبدعين الرائدين في العالم، بهدف طرح قضايا الطفولة المبكرة، وإيجاد أفضل الحلول لترك الأثر الإيجابي في حياة هؤلاء الصغار.
الطفولة المبكرة تشمل كل الأطفال من مرحلة بداية النطق والمشي وحتى سن الثامنة، وهي المرحلة التي يحتاج فيها الطفل إلى والديه، كي يكتشف محيطه، ويتعرف إلى الحياة وإلى كيفية الاعتماد على الذات، لمواجهة هذه الحياة وما فيها من تعقيدات، وهو ممسك بأيدي أمه وأبيه؛ ما يعني أنها المرحلة التي يجب أن يتحمل فيها الوالدان المسؤولية، كي يعبرا بطفلهما إلى المستقبل وهو مسلح بالفهم والتربية، ومحصن من كل المخاطر والفخاخ التي قد يتعرض لها في زمن التكنولوجيا الحديثة، التي جعلت العالم مفتوحاً أمام الصغار تأتيهم منه الرياح من الاتجاهات كافة، وعليهم التصدي لها. إنها مرحلة بناء المستقبل من خلال بناء الأطفال وفق أسس صلبة ومتينة.
مبادرة «ود» تسعى إلى معالجة التحديات الحالية والمستقبلية التي تؤثر في أطفالنا، والتحديات في زمنهم هذا أكبر وأخطر من التحديات التي واجهتها الأجيال السابقة، يكفي أن نعلم مثلاً أن حالات الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت زادت عالمياً في عام 2020 وبسبب الجائحة بنسبة 106% مقارنة بعام 2019، وهي زيادة مخيفة، ومؤشر إلى ما قد يفعله الإنترنت بمستقبل الأجيال إذا لم يتم ضبط الأمور وتشديد الرقابة على المحتوى وملاحقة المتحرشين وكل من يستغل هذه الوسائل.
الإمارات نجحت في خفض عدد الحالات التي تعرضت للاستغلال الجنسي بنسبة 34%، ومن خلال منتدى «ود» أيضاً نجحت في 
تحقيق رؤية استراتيجية أبوظبي لتنمية الطفولة المبكرة 2035 المتمثلة في أن «يتمتع كل طفل صغير بالصحة والعافية ويتحلى بالثقة بالنفس، وأن يكون محباً للاطلاع وقادراً على التعلم وتنمية قيم راسخة في بيئة آمنة وداعمة للأسرة في أبوظبي».
التحديات الحديثة أمام الأطفال وأسرهم كثيرة، ومن الضروري معالجتها وطرحها على نطاق واسع، كي نؤمن لهم حاضراً آمناً ومستقبلاً ناجحاً، خصوصاً كما قيل في المنتدى: «إن الأثر السلبي للتكنولوجيا التي يتم استخدامها اليوم لم يعرف بعد».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"