أسواق عمل أكثر ديناميكية وشمولية

21:13 مساء
قراءة 3 دقائق
1

مايكل فرايتاج *

بعد عامين، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن صدى جائحة فيروس «كورونا» لم يكن محصوراً ضمن القطاع الصحي فقط، بل امتد تأثيره ليطال مختلف مجالات الحياة. وأدت الجائحة إلى زيادة الفجوات في سوق العمل بشكل كبير، وإلى مستوى غير مسبوق من عدم الرضا والفوارق الطبقية. في المقابل، أثبت «كوفيد-19» أنه محرك رئيسي في تعزيز وتسريع العديد من اتجاهات سوق العمل طويلة الأجل داخل الأسواق الأوروبية من حيث الرقمنة والعمل عن بعد، والمهارات اللازمة، وظهور أشكال متنوعة من العمل، والحاجة إلى الحماية الاجتماعية للجميع. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت العديد من الاتجاهات الجديدة، مثل العمل الموجه نحو الإنتاج، والحاجة إلى إعادة اختراع التفاعلات الاجتماعية وزيادة الاهتمام بقضايا الرفاهية النفسية والجسدية داخل مكان العمل.

وهناك إشارات واضحة اليوم على أننا نسير نحو الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي في القارة الأوروبية بسبب التقدم في معدلات التطعيم، ووضع القواعد الصحية الجيدة، وتخفيف إجراءات احتواء الفيروس. في الوقت نفسه، بتنا نلاحظ أيضاً الحاجة الملحة إلى التحرك نحو أسواق عمل أكثر ديناميكية وشمولية ومرونة في أوروبا.

وفي ضوء هذه المعطيات، أطلق كل من الاتحاد الأوروبي للتوظيف والشركاء الاجتماعيون لوكالات العمل المؤقت، مجموعة من التوصيات المشتركة بشأن فيروس «كورونا»، ومسيرة مجتمعنا نحو سوق عمل أكثر ديناميكية وشمولية وذي مرونة عالية في كامل الجغرافية الأوروبية.

وبوصفه كياناً منظماً بشكل مناسب، لعب الاتحاد الأوروبي للتوظيف دوراً رئيسياً في الحفاظ على وظائف العمال وسط طفرة التسريحات العالمية إبّان الجائحة، وإدارة التحولات المرحلية، وتعزيز التنقل، وتخفيف مخاطر سوق العمل، بالإضافة إلى تعزيز مرونة سوق العمل. لذلك، وضعت المنظمة خبرتها الكبيرة تحت تصرف صانعي السياسات في الاتحاد الأوروبي والحكومات الوطنية، وأوصت بشكل استباقي بعدد من الإجراءات التي يمكن التصرف بناءً عليها.

وللتحرك نحو أسواق عمل أكثر ديناميكية في أوروبا، سنحتاج إلى تهيئة بيئة مواتية لتحولات سوق العمل، والاستفادة من قدرة وكالات العمل المؤقت على تسهيل عمليات إعادة التخصيص ودعم انتقال العمال عبر القطاعات.

وانعكاساً لمبادئ خطة عمل الركيزة الأوروبية للحقوق الاجتماعية، دعت توصياتنا أيضاً إلى ضمان الحماية الاجتماعية المناسبة والحقوق الفردية للجميع، وإلى تعزيز الغايات النبيلة والابتكار المؤسسي بما يخدم المصالح العامة.

علاوة على ذلك، أكدنا على الحاجة إلى التحرك نحو أسواق عمل أكثر شمولية من خلال تركيز سياسات سوق العمل على إدارة مخاطر سوق العمل والتخفيف من حدتها. كما يجب أن يكون العمال في قلب جميع السياسات التي تمكنهم من الوصول إلى سياسات التدريب اللازمة والمهارات لمعالجة الآثار طويلة المدى لوباء «كورونا». وركزنا بقوة أيضاً على فوائد التعلم غير الرسمي والدور المهم لصناعة خدمات التوظيف الخاصة في تعزيز مطابقة سوق العمل، وذكاء المهارات، والتدريب الفعال.

أخيراً، يجب أن نسلط الضوء على الدور المركزي للحوار الاجتماعي القطاعي في تعزيز مرونة أسواق العمل، ودعم العاملين في الشركات في بيئة سوق العمل المتقلبة. وقد تم التأكيد على هذا الطلب في برنامج عمل الحوار الاجتماعي القطاعي 2021-2023 الذي سيؤثر على تطبيق وإنفاذ أفضل التوجيهات الخاصة بوكالات العمل المؤقت.

كما نودّ أن نجادل بأنه ينبغي أن نركز بشكل خاص على المبادرات الوطنية والممارسات الجيدة التي تقوم على الامتثال والإنفاذ في مصلحة الاتحاد العالمي للتوظيف في أوروبا ووكالات العمل المؤقت. ولكن من المهم في الوقت نفسه أن يضمن القطاع تكافؤ الفرص، وتجنب أي منافسة غير عادلة على حساب العمال، في ظل مراقبتنا المستمرة لتأثيرات جائحة فيروس «كورونا» والسياسات ذات الصلة، من أجل المساهمة في أسواق عمل أكثر ديناميكية وشمولية ومرونة.

لقد كانت حقبة فيروس «كورونا» المظلمة بمثابة تذكير صارخ لنا بضرورة تطوير أسواق العمل الأوروبية والعالمية. ولسوء الحظ، جاءت الأزمة الأوكرانية لتزيد من أعداد اللاجئين الذين يدخلون أسواق العمل هناك. ومع ذلك، نعتقد أنه من واجبنا دعم هؤلاء الأشخاص الضعفاء بأي طريقة ممكنة. فدعمهم في جهودهم لإيجاد فرص عمل مواتية، وفرز المهارات وتقييمها إضافة إلى توفير التدريب اللازم يمكن أن يوفر شكلاً من أشكال الأمل، ومحاولة العودة للوضع الطبيعي في هذه الأوقات العصيبة.

تركز صناعة التوظيف الخاصة على كيفية تقديم دعمها للأشخاص المتضررين من الحرب، ولا سيما أولئك الذين شرّدتهم الأزمة. وتوفر فرص العمل التي يسعى أعضاء فريق الاتحاد العالمي للتوظيف في أوروبا إلى تأمينها حماية اجتماعية للأشخاص المهمّشين، وشبكة أمان اجتماعي هم في أمسّ الحاجة إليها. كما يعمل أعضاء الاتحاد في المنطقة على وضع جميع التدابير اللازمة لحماية الموظفين الدائمين والعاملين في الوكالات، والتضامن معاً لدعم الشركاء المعنيين على أرض الواقع.

* مدير الشؤون العامة في الاتحاد العالمي للتوظيف - أوروبا (يوروآكتيف)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"