عقارات دبي والحرب الأوكرانية

21:50 مساء
قراءة 3 دقائق
3

مهنّد الوادية *

حقق القطاع العقاري في دبي خلال العام 2021 قفزة نوعيّة متميّزة، ما جعله الأقوى منذ فترة زمنية طويلة. فقد شهد العام الماضي عقد 83 ألف صفقة مبهرة للغاية بلغت قيمتها حوالي 300 مليار درهم، أي بمعدل 69 ألف صفقة شهرياً، وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الذي سيحدث هذا العام؟

 ومن هذا المنطلق، يبدو جلياً أن العام 2022، سوف يسلك الاتجاه نفسه الذي شهدناه في 2021، إذ إن إجمالي الصفقات العقارية التي عُقدت في مطلع العام الجاري في شهري يناير وفبراير الماضيين قد تجاوز 15 ألفاً وبمعدل وسطي بلغ 7.6 ألف صفقة شهرياً، مع الأخذ في الاعتبار أننا شهدنا في النصف الأول من مارس عقد أكثر من 4.6 ألف صفقة بالفعل، ما يجعلنا حقاً نقف على أعتاب تحقيق رقم استثنائي في الربع الأول من العام الجاري. 

 ويُظهر ذلك فقط أن القيم السوقية، وخصوصاً الشقق السكنية، التي تعرّضت لضغوط نتيجة الفائض في العرض الذي يواجه القطاع صعوبة في التخلص منه، لا تزال مستقرّة.

 إذاً، إلى متى سوف يستمر القطاع بالصعود؟ وما هي الرياح المعاكسة التي قد يواجهها؟ هذا هو السؤال الكبير، والذي يكشف عن العديد من التعقديات والافتراضات والتكهّنات.

 إن أكبر عامل كان يتبادر إلى ذهني هو ما أسمّيه «التضخم الضارّ» مقابل «التضخم الجيد»، وهو ما يحدث عندما تعمل الأسواق بكفاءة، على عكس «التضخم الضارّ» الذي نشهده عندما يتسبب حدث غير طبيعي في وقوع اضطراب داخل الأسواق. 

 على سبيل المثال، أدى انتشار «كوفيد-19» إلى اضطراب نظام الإمدادات العالمي والذي تسبّب بدوره بارتفاع معدّلات التضخم في معظم دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). فقد دفع التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي بلغ 7%، إلى اقتراح زيادة في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة، وهي ليست أخباراً جيدة بالنسبة للمستثمرين الذين يحتاجون إلى الدولار أو العملات المرتبطة به. 

 وإلى ذلك، فإن الخطر يتمثّل في أن النزاع في أوكرانيا لن يؤدي إلا إلى زيادة ارتفاع التضخم من خلال العقوبات التي يفرضها الغرب، وبالتالي حظر النفط والقمح والسلع الروسية الأخرى، وهو ما يؤدي إلى مزيد من النقص في الإمدادات. والكثير من التداعيات ستعتمد على ما إذا كان باستطاعة الغرب أن يحل محلّ النفط الروسي الذي يبلغ 9.7 مليون برميل يومياً، إذ إنه في الواقع لا يوجد الكثير من مصادر الطاقة الزائدة من أجل تغطية النقص في الوقت الحالي.

 في المقابل، فإن الاقتصاد العالمي ليس باستطاعته تحمّل المزيد من استشراء التضخم ولا معدلات الفائدة المرتفعة بشكل مفرط. وبعد التعافي من الجائحة لن يكون هناك العديد من الاقتصادات التي لن تستفيد من هذا التعافي.

 وفي مُطلق الأحوال، فإن ارتفاع أسعار النفط العالمية سوف يفيد اقتصاد الإمارات العربية المتحدة، ويسمح لها بتكديس السيولة النقدية في مواجهة الانكماش الاقتصادي الحالي. وفي موازاة ارتفاع أسعار النفط، فإن الاقتصادات المنتجة للنفط سوف تشهد ارتفاعاً هائلاً في الإيرادات حتى يحين الوقت الذي ينخفض فيه الطلب على النفط بسبب انخفاض النمو الاقتصادي.

 وبطبيعة الحال، فإن السوق العقاري لا يحتاج إلى «تضخم ضارّ» لأن ذلك لن يؤدي إلا إلى المزيد من ارتفاع أسعار الفائدة. كما أن التمويل العقاري لم يكن بمستوى التكلفة المنخفض من قبل. لقد كانت خطط السداد المُقدمة من قبل المطورين ومعدلات الرهن العقاري من البنوك في أدنى مستوياتها على الإطلاق، وأطلق المطوّرون مجموعة جديدة من خطط السداد في فبراير. وبالنظر إلى حجم العرض الزائد للمساكن غير الفاخرة في دبي، فإنه من الأهمية بمكان عدم زيادة تكلفة الاقتراض.

 وعلى الرغم من ذلك، ومن المفارقات إلى حدّ ما، فإن زيادة العرض في دبي للعقارات غير الفاخرة قد تدعم السوق في الواقع للمضي قدماً.

* الرئيس التنفيذي لشركة «هاربور العقارية»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"