قراءات سوق الإسكان الأمريكي

21:36 مساء
قراءة 4 دقائق
3

جيمي ماكجيفر *
يتلمس سوق الإسكان في الولايات المتحدة حجم الانفجار الحاصل مؤخراً، في عائدات سندات الخزانة مع وميض بعض علامات التحذير الرئيسية بشكل مكثف أكثر مما كانت عليه في سنوات عدة خلت.

فقد بلغ متوسط معدل الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عاماً في الولايات المتحدة أكثر من 5%، في نسبة هي الأعلى منذ 2011، ومعدل ارتفاع هو الأسرع على الإطلاق هذا العام، فيما كانت القدرة على تحمّل تكاليف الإسكان هي الأدنى منذ عام 2008، وفي انخفاض مستمر. من هنا نستشف أن هذه البيانات تتطلب مراقبة مكثفة وتحليلاً أعمق.

ويمثل سوق الإسكان في ما يخص الاستثمار السكني الثابت والخدمات ذات الصلة نحو 18% من الاقتصاد الأمريكي، وهو قريب من ذروة ما قبل الأزمة المالية الكبرى التي أظهرت الضرر الذي يمكن أن يسببه انهيار الإسكان في الولايات المتحدة.

ويبقى أن نرى ما إذا كانت أسعار المساكن ستنخفض الآن، أو على الأقل في المدى القريب، في ظل توفير ديناميكيات العرض والطلب، والمستويات المرتفعة لصافي ثروة الأسرة، وسوق العمل القوي، وسادة أمان كبيرة ومريحة في الوقت الحالي.

لكن مجموعة واسعة من الدلائل تشير إلى أن قوة سوق الإسكان على وشك التباطؤ، وربما بشكل كبير إذا انزلق الاقتصاد إلى الركود العام المقبل، وقد بدأ بالفعل عدد متزايد من الاقتصاديين بالاستعداد لهذا السيناريو منذ الآن.

والاقتصاديون في «نومورا»، و«نات ويست ماركيتس» هم من بين أولئك الذين يعتقدون أن القطاع يمكن أن يكون من أوائل القطاعات التي تضعف نتيجة لارتفاع معدل التضخم في مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

وقال كيفين كامينز، الاقتصادي الأمريكي في «نات ويست»: «إن أحد القطاعات التي من المرجح أن تبدأ بتصدّر عناوين الأخبار السلبية هو سوق الإسكان، وتوقعاتنا الأساسية أن تنخفض مبيعات المنازل بشكل كبير في الأرباع القادمة لهذا العام».

وارتفع متوسط الرهن العقاري لمدة 30 عاماً لدى شركة «فريدي ماك» إلى 5% في الأسبوع المنتهي في 14 إبريل/ نيسان، من 4.72% في الأسبوع الذي قبله، وهو المعدل الأعلى منذ يناير/ كانون الثاني 2011.

وتُعد طفرة ارتفاع معدلات الرهن العقاري الجارية هذه تاريخية، فقد كان الصعود بمقدار 1.56 نقطة مئوية في الفترة من يناير إلى مارس هو المعدل الفصلي الأكبر منذ عام 1981. وفي ذلك العام، ارتفعت معدلات الرهن العقاري إلى 18.6% من 15%، لذلك فإن مقدار الزيادة الآن هو أكثر من رائع. حيث بلغ متوسط معدل الرهن العقاري ل 30 عاماً لاتحاد مصرفيي الرهن العقاري 5.13%، وفي حال تحرك فوق 5.16% سنكون أمام مستويات لم تحقق منذ عام 2010 على الأقل.

وبحسب معظم المراقبين، فإن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في المراحل الأولى للسياسة الأكثر تشدداً منذ عامي 1994 و1995. ويتوقع سوق المال أن تتجاوز معدلات الفائدة على الأموال الفيدرالية العام المقبل حاجز ال 3.0%، ارتفاعاً من نطاق 0.25% السابق، و0.50% اليوم.

وبالعودة إلى 1994-1995، انخفض إجمالي مبيعات المنازل بنسبة 20% على مدار دورة التضييق الفيدرالية التي استمرت 18 شهراً. وإذا تكرر ذلك هذه المرة، ستنخفض المبيعات إلى معدل سنوي أقل من 6 ملايين وحدة العام المقبل، من أكثر من 7.2 مليون في يناير.

وقال المدير المالي في «ويلز فارجو» مايك سانتوماسيمو، إن الطلب على الرهن العقاري آخذ في التراجع. حيث انخفضت قروض الرهن العقاري للبنك بنسبة 33% في الربع الأول من العام الماضي بسبب انخفاض عمليات الإنشاء والمكاسب من مبيعات المنازل.

وبالنظر إلى فشل الأجور في مواكبة ارتفاع أسعار المساكن ومعدلات الرهن العقاري، لا يمكن استبعاد حدوث انخفاض ملموس في الأسعار. ووفقاً لبيانات الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين التي جمعتها «YCharts»، فإن القدرة على تحمّل تكاليف السكن هي الأدنى منذ عام 2008.

وعلى الجانب الآخر من الحسابات والتحليلات، فإن الميزانيات العمومية للأسر في حالة جيدة جداً، صحيح أنها تراجعت بشكل كبير بعد انهيار عام 2008، لكنها تعززت بعد الوباء بفضل التحفيز الحكومي، وارتفاع أسعار المنازل، وسوق العمل المزدهر.

ولاحظ الاقتصاديون في «جيه بي مورجان» أن ديون الأسر الأمريكية، كحصة من الدخل المتاح، وعلى الرغم من بعض التقلبات منذ الوباء، كانت نحو 90% قبل بدء الجائحة، وهو أدنى مستوى منذ عام 2001، وأقل بكثير من 130% قبل الأزمة المالية لعام 2008.

وبحسب بعض المقاييس الإضافية أيضاً، يمكن للنقص في المساكن المتاحة أن يحد من أي تراجع في الأسعار، في الوقت الذي يُنظر فيه إلى المعروض من المنازل القائمة على أنه الأضيق منذ 40 عاماً، على الأقل، كما أنه من المرجح أن تحد كلفة المواد الخام في الوقت الحالي من عمليات البناء الجديدة. لذلك، قد لا تكون دورة الانخفاض في أسعار المساكن سريعة، لكن دعونا لا نفاجأ إذا ساءت الأسواق أكثر، فعلامات التحذير تومض.

* كاتب صحفي في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"