عادي
تؤكد أن التخصصات تخضع لدراسات تقييم حاجة السوق

جامعات في أبوظبي تواكب التطور التكنولوجي بطرح مسارات جديدة

00:03 صباحا
قراءة 7 دقائق
طلبة في إحدى الجامعات في أبوظبي

أبوظبي: عبد الرحمن سعيد

في الفترة الحالية من كل عام يعيش نسبة من خريجي الصف الثاني عشر وأولياء أمورهم حالة من التخبط الفكري والنفسي في ما يتعلق باختيار التخصص الجامعي «البكالوريوس»، الذي من شأنه تغيير شكل ومسار باقي سنوات الحياة، حيث يمكن لخريج إحدى التخصصات الحصول على فرصة عمل فور التخرج، بينما يظل خريج تخصص آخر في رحلة البحث عن عمل سنوات عدة، ومن ثم يحصل على وظيفة لا تتماشى مع طموحاته وأحلامه ومستقبله الذي كان يحلم به.

جودة التعليم ومخرجاته في الدولة تواكب أعلى المستويات عالمياً، نظراً للأنظمة التعليمية المتطورة، والعناصر الأكاديمية والعلماء الذين تستقطبهم مختلف الجامعات الحكومية والخاصة، كذلك المناهج التي تؤهل أجيالاً صاعدة واعدة قادرة على التكيف مع مختلف الظروف، ولكن التساؤل الذي يتوارد للأذهان هو: هل إن التخصصات الجامعية المطروحة بشكل عام في الدولة، تغطي كل تطلعات خريجي الثانوية العامة والاحتياجات الفعلية لسوق العمل، وهل توجد تخصصات وصلت لمرحلة التشبع من احتياجات سوق العمل، وما زالت الجامعات تطرحها، وتروج لها؟

«الخليج» سلطت الضوء على تخصصات البكالوريوس المطروحة للعام الدراسي 2022 – 2023، حيث التقت عدداً من المديرين والأكاديميين من جامعات حكومية وخاصة، الذين أكدوا أنه لا توجد لديهم برامج أو تخصصات وصلت لمرحلة التشبع من ناحية احتياجات سوق العمل لها، أو عدم إقبال الطلبة عليها، حيث تخضع جميع البرامج والتخصصات الموجودة لدراسات تقييم حاجة السوق، موضحين أن اختيار التخصص في الصف الثاني عشر خطأ كبير، وأن على الطالب أن يحسم هذا القرار من الصف العاشر، حيث إنه خلال الأسابيع الأولى من الانتظام في الدراسة يلجأ البعض إلى تغيير التخصص.

تخصصات متداخلة:

تؤكد جامعة زايد أنها استقبلت مجموعة من الطلبة في البرامج التعليمية الجديدة لفصل الخريف 2022-2023 بالشكل الذي يلبي تطلعات الأجندة الوطنية لدولة الإمارات في الخمسين عاماً المقبلة، حيث سيتمكن الطلبة من الاختيار بين 4 برامج «متداخلة التخصصات» للحصول على درجات علمية جديدة تشمل: بكالوريوس العلوم في تحوّل الأعمال، وبكالوريوس العلوم في الابتكار الاجتماعي، وبكالوريوس العلوم في نظم الحوسبة، وبكالوريوس العلوم في الاستدامة، إضافة إلى برامج الفنون والصناعات الابداعية المتوفرة حالياً في الجامعة.

وتبين الجامعة أن البرامج التي صممها أعضاء هيئة التدريس، تهدف إلى منح الطلبة نطاقاً أوسع من العلوم النظرية والتطبيقية لاستيعاب تخصصاتهم المختارة بالشكل الذي يضمن لهم المهارات اللازمة للالتحاق بسوق العمل، والارتقاء بحياتهم المهنية بعد التخرج، وأن هذه البرامج المبتكرة، والتي تعتبر الأولى من نوعها في الدولة، ستعمل بشكل هادف على تطوير المهارات الشخصية التي يحتاج إليها الطلبة للنجاح في العمل.

وتؤكد الجامعة أنه لا توجد لديها برامج وصلت لمرحلة التشبع من ناحية احتياجات سوق العمل لها أو عدم إقبال الطلبة عليها، وقد خضعت جميع البرامج في التخصصات الموجودة بجامعة زايد لدراسات تقييم حاجة السوق.

وتذكر جامعة زايد أنها تجري بانتظام مسوحات ميدانية دورية لمراجعة البرامج الدراسية وإقبال الطلبة عليها، إضافة إلى أنها تتابع خريجيها وتراقب التحاقهم بمجالات العمل المختلفة، كما تعمل الجامعة باستمرار مع الجامعات الحكومية الأخرى ووزارة التربية والتعليم على جَسر الفجوة بين مخرجات التعليم من الجامعات وسوق العمل.

الفلسفة والأخلاق:

وتطرح جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، برنامج بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق، الأول من نوعه في المنطقة ضمن مساقاتها العلمية والأكاديمية، تعزيزاً لسياستها في التوسع في البرامج الدراسية المرتبطة بقيم المجتمع في نشر قيم الدين الإسلامي الصحيح، ودعم أواصر الأخوّة الإنسانية، حيث تم إقرار البرنامج مؤخراً من مفوضية الاعتماد الأكاديمي بوزارة التربية والتعليم في الدولة، والبرنامج هو ضمن البرامج التي تطرحها كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة، ويستهدف الطلاب من داخل الدولة وخارجها.

ويؤكد الدكتور خالد اليبهوني الظاهري مدير الجامعة أن بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق يجسّد نهج دولة الإمارات في العناية بالتربية الأخلاقية والفلسفية وتعزيز المبادئ والقيم العالمية التي تعكس التجارب المشتركة للإنسانية، مشيراً إلى أن البرنامج يأتي منسجماً مع رؤية الجامعة وأهدافها.

ويضيف: يهدف برنامج البكالوريوس أيضاً إلى تطوير كفاءات علمية وتطوير برامج الجامعة والارتقاء بالمنهج الأكاديمي ودعم التنويع الاقتصادي، حيث يخدم البرنامج العديد من المجالات ذات الأولوية، مثل قطاعات التعليم والإعلام والعمل الاجتماعي والخيري والديني، واستقطاب الأيدي العاملة ذات المهارة العالية، بحيث تصبح أبوظبي وجهة رئيسية للكفاءات المتميزة من مختلف دول العالم، وتوفير خدمات تعليمية وثقافية من أعلى المستويات.

ويشير إلى أن البرنامج يدعم خطة الجامعة ورسالتها في إنتاج معرفة تحقق تطلعاتها في إيجاد قيادات فكرية وكفاءات متخصصة، قادرة على نشر قيم الدين الإسلامي الصحيح وتشجيع التفكير الناقد والإبداعي في المجتمع، وتسعى لنشر قيم الأخوة الإنسانية النبيلة، كما يعبّر إطلاق البرنامج عن سعي الجامعة للتطوير المستمر للبرامج الأكاديمية الحالية وطرح برامج جديدة لنيل درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في العلوم الإنسانية والفلسفية تتوافق مع متطلبات سوق العمل، وتتواءم مع التشريعات السارية في الإمارات.

ويتوقع أن يسهم بكالوريوس الآداب في الفلسفة والأخلاق في تخريج كوادر تتمتع بقدر كبير من التفكير الإنساني الإيجابي والديني الصحيح، وقادرة على تعزيز المشاركة الفاعلة في الطرح الفلسفي الثقافي والديني المعاصر بشكل يعبّر عن رقي الحضارات والاندماج بين مكونات البشر وتعميق مشتركات الأخوّة الإنسانية، كما يسهم البرنامج في تأكيد قيم الإسلام والسلم والتضامن.

أربعة مسارات:

وتستعد جامعة أبوظبي لإطلاق 4 مسارات جديدة، اعتباراً من الفصل الدراسي 2022 كجزء من جهودها المتواصلة لإعداد الطلبة، وتمكينهم من تولي وظائف واعدة في سوق العمل مستقبلاً، وتتضمن المسارات الجديدة، مسار تحليلات البيانات الضخمة ومسار تطوير تطبيقات الويب/الهواتف الذكية ضمن برنامج بكالوريوس العلوم في هندسة البرمجيات، ومسار الأمن السيبراني، ومسار تطوير الألعاب ضمن برنامج بكالوريوس العلوم في تكنولوجيا المعلومات.

وتهدف المسارات الجديدة المعتمدة من هيئة الاعتماد الأكاديمي في الإمارات العربية المتحدة إلى تزويد الطلاب بالمهارات اللازمة لإعدادهم وفق أفضل الممارسات للحصول على الفرص الوظيفية الواعدة والمطلوبة في القرن الحادي والعشرين والتفوق في مجالاتهم.

ويقول البروفيسور وقار أحمد، مدير الجامعة: قد يكون اختيار برنامج أو مسار أكاديمي يتماشى مع الوتيرة السريعة التي يتغير بها العالم باستمرار مهمة شاقة، سواء للطلبة أو لعائلاتهم، حيث شهدت الأعوام القليلة الماضية ظهور مجالات وصناعات جديدة كنتيجة للتطور التكنولوجي، الأمر الذي يجعلنا حريصين في جامعة أبوظبي على مواصلة تحديث برامجنا وطرح برامج ومسارات تواكب هذه المتغيرات وتعزز التجربة الأكاديمية لطلبتنا.

ويؤكد أن الجامعة تحرص عند طرح أي برنامج جديد على إجراء دراسة مستفيضة لاحتياجات سوق العمل على المدى الطويل ووظائف المستقبل، بحيث تضمن مواصلة استيعاب السوق لأفواج الخريجين من هذه البرامج، وأسهمت هذه الدراسات المستفيضة والتقييم الشامل في تجنب إلغاء البرامج الأكاديمية بشكل تام، حيث تعمل الجامعة على الدوام على استشراف المستقبل والتعرف إلى احتياجات سوق العمل المتوقعة خلال مراحل زمنية مستقبلية طويلة.

ويشير إلى أن الجامعة تتخذ إجراءات احترازية أخرى لضمان تحقيق أعلى مستويات التوازن بين حاجة السوق وأعداد الخريجين، بما في ذلك الإيقاف المؤقت للبرامج، وهو ما شرعت الجامعة القيام به في حالات نادرة بهدف ضمان حصول طلبتها على فرص وظيفية أفضل، كما تحرص الجامعة على مواكبة احتياجات السوق وطرح برامج جديدة مبتكرة تضمن تأهيل الخريجين والخريجات للانخراط في سوق العمل مباشرة بعد التخرج.

من جهته، يقول الدكتور حمدي الشيباني، عميد كلية الهندسة في جامعة أبوظبي: إن إطلاق كلية الهندسة لهذه التخصصات الفرعية يهدف لتلبية احتياجات سوق العمل من المواهب والكفاءات في هذه المجالات، ويُعد تأكيداً لالتزام الكلية بتوفير برامج حاسوبية وفق أفضل المعايير العالمية لتمكين الطلبة الحاليين والمستقبليين وإعدادهم لفرص مهنية واعدة في سوق العمل.

ويبين أنه تم تطوير المسارات الجديدة وفقاً لأفضل معايير الهيئات المهنية العالمية بما في ذلك معهد الهندسة الكهربائية والإلكترونية (IEEE)، وجمعية الحاسوب في معهد الهندسة الكهربائية والإلكترونية (IEEE-CS)، ورابطة محترفي تقنية المعلومات (AITP).

سوق العمل:

ويقول مبارك علي البريكي رئيس قسم التطوير في جامعة نيويورك أبوظبي: إن عملية التحديث والتطوير للمناهج الدراسية بالجامعة تتم وفقاً لمتطلبات سوق العمل والمستجدات العلمية، من خلال إجراء دراسة ومسح ميداني لسوق العمل تقوم به جهات مختصة في الجامعة، الأمر الذي يجب أن يطبق على كل مؤسسات التعليم العالي لأجراء التعديلات التي تطلبها احتياجات السوق.ويلفت إلى أن الدراسات الحديثة المرتبطة بالتعليم والوظائف، تشير إلى ضرورة التحاق المواطنين بالبرامج التقنية والمهنية، لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، التي ستحدث تغييرات واسعة في مختلف القطاعات، خصوصاً التصنيع والتخزين والنقل، مبيناً أن اختيار التخصص في الصف الثاني عشر خطأ كبير، وأن على الطالب أن يحسم هذا القرار من الصف العاشر.

ويوضح أن وزارة التربية والتعليم تقوم بإعادة اعتماد البرامج الأكاديمية في العديد من جامعات الدولة كل أربع سنوات، ويرافق هذا الاعتماد تحديث للمناهج وإدراج لمساقات جديدة، وإعادة هيكلة للخطط الدراسية لتواكب التغيرات المطلوبة، بما يتوافق مع معايير هيئة الاعتماد الأكاديمي في وزارة التربية والتعليم، ما يعد عاملاً مساعداً يسهم بشكل ملحوظ في مواكبة احتياجات سوق العمل.

التخصصات المطروحة

كما التقت «الخليج» عدداً من الطلبة الذين تحدثوا عن هذه القضية، حيث تقول الطالبة علياء محمد أحمد حاصلة على شهادة الثانوية العامة للعام الجاري، إن التخصصات المطروحة في مختلف جامعات الدولة، الحكومية والخاصة، كافية بأن تغطي مختلف الاحتياجات، ولكن قد يواجه الطلبة بعض المشاكل في الالتحاق، على سبيل المثال الطلاب الراغبون في دراسة الطب يوجد لديهم أكثر من جامعة على مستوى الدولة تدرّس الطب، ولكن تكاليفها عالية جداً، وتوفر منحاً للمتفوقين والأوائل فقط.

ويوضح الطالب علي أحمد محمود من إحدى الجامعات، أنه عندما ينهي الطالب تعليمه المدرسي لا يكون قد امتلك الخبرة الكافية لاختيار التخصص المناسب، وإذا كانت لديه خلفية عن التخصص لا يجد من يعرّفه بمدى حاجة المجتمع لهذا التخصص، مبيناً أنه وجد المعلومات الكافية عن تخصصه لأنه حرص على سؤال طلاب الدفعات السابقة والأساتذة في الجامعة والبحث عن طريق الإنترنت.ويرى أن الطلب زاد على دراسة التخصصات المهنية.

التخصصات كافية

ويعرب علاء عوض، خريج قسم تقنية المعلومات عن تقديره للجهود التي تبذلها القيادة الرشيدة في دفع عجلة التعليم للأمام، مشيراً إلى أن التخصصات الجامعية المطروحة في الدولة كافية، وأن متطلبات سوق العمل وليست الرغبة الشخصية باتت أساس اختيار كثير من الطلبة المتقدمين للتسجيل في الجامعات بدولة الإمارات بعد أن أنهوا امتحان الثانوية العامة.

ويقول محمد علي البلوشي، خريج تخصص علاقات دولية قسم العلوم الإنسانية والآداب: وفرت جامعات الدولة الحكومية والخاصة كل التخصصات التي تغطي سوق العمل.

ويضيف أن تخصص علوم سياحية «مرشد سياحي» في جامعته كان على وشك أن يتم إلغاؤه نهائياً لأنه لا يحظى بأقبال من الطلاب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/24y8r86b

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"