غرباء السوشيال ميديا

00:24 صباحا
قراءة دقيقتين

افتح بريدك الإلكتروني كل صباح وأمعن النظر في الرسائل الواردة إليك من أشخاص تجهلهم، يخاطبونك بكل الود والاحترام، يستنجدون بك أو يرغبون في «نجدتك» من أزمة قد تكون تمر بها فعلياً أو لا تكون، مستغلين الأزمة الاقتصادية العالمية، عارضين خدمات لا بد أن تغري الكثيرين في قراءة مضمون الرسالة، ويستجيب لها بالرد من يعلّق آماله وأحلامه على أي قشة عائمة على بحر همومه ومشاكله.
فخ مازال يقع فيه كثيرون، خصوصاً أن رسائل النصب تحاوطنا من كل اتجاه، وتلاحقنا حتى في الرسائل النصية التي ترد على هواتفنا المحمولة لا نعرف كيف ولا من يقف خلفها! وإذا كان الحذر ممن يتسولون بطرق إلكترونية حديثة مدعين المرض أصبح معروفاً ومنتشراً، فإن النصب الأكثر انتشاراً الآن هو عبر تقديم المساعدة المادية للمتلقي، وإغرائه بوظائف (وهمية طبعاً) العائد المادي منها خيالي، مستغلين أسماء شركات كبرى وعالمية.
من يقع في هذا الفخ؟ من يمر بضائقة مادية شديدة، ومن يبحث عن عائد شهري ينتشله من محنة صعبة، فيصدّق ما يقرأه ويقبل من باب «التجربة» و«لعله خير»، وتكون الكارثة حين يستمر في التواصل مع هؤلاء النصابين المحترفين.
قصة السيدة التي نجت من عصابة اتجار بالبشر بفضل لجوئها إلى مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية «إيواء»، هي المثال الحي لوسائل النصب والسرقة الحديثة، وكيفية تنمية الوعي من مخاطرها وتجنب الوقوع ضحية لها. عصابات تستدرج ضحاياها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال ثلاثة أساليب تشمل العلاقات العاطفية، والصداقات، والوظائف الوهمية، كما يوضح مركز «إيواء» الذي تمكن فعلياً من إنقاذ تلك الأرملة التي تم استغلالها من قبل شبكة اتجار في البشر في الوقت المناسب، وساعدها المركز على استكمال دراستها والحصول على بكالوريوس الطب.
«عصابات إجرامية تستغل وسائل التواصل الاجتماعي من أجل استدراج الضحايا واستغلالهم والسيطرة عليهم والمتاجرة بهم في جميع أنحاء العالم»، يتسللون إلى المعلومات الشخصية للضحية من أوضاع صحية ونفسية واجتماعية وأزمات عائلية.. كل ما يمكن أن يعرفوه عن حياتها الخاصة يساعدهم في حبك واستكمال عملية النصب وإقناع الضحية بضرورة التعاون معهم من أجل مساعدتها و«انتشالها من محنتها». 
تلك الأرملة تحلت بالوعي فلجأت إلى الشرطة ومنها وصلت إلى مركز الرعاية الذي تكفل بمساعدتها حتى استكملت دراستها وأصبحت طبيبة كما كانت تحلم؛ بينما هناك الكثير من الضحايا الذين لا يعرفون كيف يفلتون من مخالب المتاجرين والنصابين، لذلك يبقى الوعي والحذر من كل غرباء السوشيال ميديا واجباً وخياراً لا بد منه كي يسلم الجميع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3xdch2t8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"