عادي

مقاومة المرأة الشاعرة

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين

ميسون أبوبكر

على الرغم من وحدة الإبداع الإنساني على اختلاف صاحبه إن كان رجلاً أو امرأة، فإن هناك فروقاً حتى وإن تلاشى بعضها في وقتنا هذا فإنها موجودة، وكانت واضحة بشدة في عصور مضت وعلى الأخص في مجتمعاتنا العربية، حيث عالم المرأة ممهور بالغموض والمواربة وعدم القدرة على البوح والكتابة المباشرة، لأسباب صنعتها المجتمعات التي فرضت أسوارها على العالم النسائي، وفرضت تقاليدها وقوانين اجتماعية صارمة، جعلت كل ما تقوله المرأة أو تقوم به، محفوفاً بالممنوع وثقافة العيب.

الشعر هبة جعلت صوت المرأة أكثر علواً، وحضورها يصحبه إيقاع عذب حتى في قصائد الحزن والرثاء والفراق.

وعلى الرغم من تلك الأصوات الخافتة والأسماء النادرة التي وصلتنا، فإن هناك شاعرات حفرن عميقاً في الذاكرة الشعرية العربية، قليل منهن كنّ متمردات كولادة بنت المستكفي التي كانت تختلط بالشعراء وتجهر بشعر الحب.

منهنّ رائدات بأشكال جديدة من الشعر كنازك الملائكة، ثم من قلب الجزيرة د. فوزية أبو خالد التي تعد رائدة من رواد الحركة الشعرية الحديثة، وقصيدة النثر وديوانها الذي أصدرته وهي لم تزل في سن الرابعة عشرة (إلى متى يختطفونك ليلة العرس) الصادر في بيروت وتلك الزوبعة التي واكبته.

حتى النقد كان هناك نقاد قلائل، كما تقول فوزية أبو خالد، امتلكوا الجرأة الاجتماعية لتناول قصيدتها النثرية في وقت مبكر.

المقاومة كانت سبيل المرأة الشاعرة التي تحدّت الكثير من القيود لتكتب بعمق بعيداً عن الإسفاف الشعري الذي قد تصل إليه بعض الكاتبات بحجج قد تكون بعيدة عن روح القصيدة والعمل الأدبي.

كتب الناقد عبدالله السمطي في كتابه «جاذبية الشعر النسوي»: «إن كتابة المرأة قد تختلف في مناطق كثيرة عن كتابة الرجل لأسباب تتعلق بالأفق الاجتماعي الذي تحيا فيه المرأة، ومقدار الحرية الذي تتمتع به في شرق لا يزال يرى المرأة في موضع أقل من موضع الرجل». وأردف في موقع آخر من كتابه: «المرأة كانت قابعة شعرياً تحت أشجار الفحولة الشعرية».

إن كانت المرأة هي ذلك الكائن الشفيف العذب الهادئ (الذي يبدو ضعيفاً)، فإن الذات الشاعرة تتمرد وتقاوم وتصنع لها أجنحة من نسيج اللغة، وقد برزت شاعرات من تحت رماد مجتمعات صعبة شجعت الرجل وخنقت صوت المرأة، كما حدث مع الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان، التي وجدت في شقيقها إبراهيم سبيلاً لتكتب هي الأخرى، فبينما سُمِح له حرمت هي بسلطة أبوية قاسية.

لكن المرأة تخرج من شرنقتها فراشة بفنون مختلفة وألوان زاهية وأحرف مضيئة، ترفض القمع والأسر والقيد وتتمرّد، وإن طال بها القهر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/fhr8rwvy

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"