عادي
تُشخص واقع الاحتياجات وترصد حقيقة التحديات

المجالس.. لقاءات مفتوحة تجسد صوت الميدان

00:02 صباحا
قراءة 6 دقائق
جانب من المجالس التي جمعت قيادات التعليم بالميدان

تحقيق: محمد إبراهيم

التطوير في التعليم يبدأ من الميدان التربوي، بمشاركة جميع عناصر العملية التعليمية بدءاً من الطالب وولي الأمر، مروراً بالمعلمين ومديري المدارس، وصولاً لقيادات الصف الأول في هذا القطاع، لتحقيق التكاملية والوقوف على الاحتياجات الفعلية، وبناء خطط واستراتيجيات تواكب المرحلة.

والمتابع لاتجاهات التطوير الراهنة في قطاع التعليم، يجد أن مجالس الجهات المسؤولة عن إدارة التعليم في الدولة، تستحوذ على الساحة التعليمية، وتنفذ مباشرةً وبواقعية وتجمع أهل الميدان بمختلف فئاتهم، ولكن لماذا تلك المجالس والحوارات واللقاءات؟

خبراء التعليم أكدوا أن التكاملية في التطوير ضرورة حتمية، لتحقيق قيمة مضافة للمنظومة، واللقاءات المباشرة والحوارات المطولة ترصد واقع التحديات والقضايا الملحة، وتُشخص بفاعلية واقع الاحتياجات، وحقيقة الإشكاليات، لرفع الجودة والكفاءة في مختلف مكونات المنظومة، وهذا ما تركز عليه وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي خلال الفترة الوجيزة الماضية.

ويرى تربويون أن الحوارات المجتمعية التي شاع صيتها مؤخراً في الميدان، خطوة جادة للوقوف على واقع مجتمع التعليم، لاسيما أنها تركز على تفاصيل عميقة لمكونات المنظومة كافة، والتركيز على تكاملية الأدوار، واستحداث مهام جديدة تخدم مسارات التطوير القادمة، ما ينعكس على جودة المخرجات وفق تطلعات ورؤى الإمارات المستقبلية.

شريحة من المعلمين ترى أن الميدان بحاجة ماسة إلى اللقاء المباشر، والمجالس الواقعية الحقيقية، التي تبتعد عن «الصورية»، لتجسد بصدق صوت الميدان، وتراعي متطلبات مجتمع التعليم، واحتياجاته الفعلية، معتبرين أن اللقاءات المباشرة بين قيادات التعليم وجميع عناصر الميدان، رصدت العديد من القضايا على الساحة التعليمية، متوقعين أن يكون لها كبير الأثر في تجسيد المشهد التعليمي في المرحلة المقبلة.

أولياء أمور أكدوا أن المجالس التعليمية المتوالية خلال الأشهر القليلة الماضية، أذابت الحواجز بين قيادات التعليم والمجتمع المدرسي بمختلف فئاته، ووفرت مساحة حقيقية لأولياء الأمور للتعبير عن الرأي، والمساهمة في التطوير الحقيقي لمنظومة التعليم.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي، الآثار المترتبة على مجالس التعليم ومناقشاتها وحواراتها التي تجمع أهل الميدان وقيادات التعليم، وكيف تجسد صوت الميدان بواقعية وشفافية؟

مشاهدات «الخليج»

البداية كانت مع مشاهدات «الخليج» منذ انطلاق العام الدراسي الجاري، إذ ركزت مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي بإشراف ومتابعة سارة الأميري وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة رئيسة المؤسسة، على إجراء زيارات لمختلف المدارس الحكومية في مختلف إمارات الدولة، ركزت بشكل كبير على أولياء الأمور، تعزيزاً لنهج التواصل الدائم مع المجتمع التربوي للمضي قدماً في تطوير المنظومة التعليمية، ولتأكيد محورية أدوارهم في دعم المسيرة التعليمية.

وفي خطوة جادة لتعميق التواصل بين المؤسسة والميدان التربوي، نظمت عدداً من المجالس المخصصة لأولياء الأمور في مختلف مناطق الدولة، بهدف الارتقاء بأدوارهم في دعم منظومة التعليم، وتعزيز التواصل معهم وإشراكهم في مسارات التطوير، وخلق التغيير الإيجابي المنشود في مجتمع التعليم، والاستماع إلى التحديات، وإيجاد حلول فورية وفعالة لها، في وقت بلغ عدد المجالس حوالي 13 مجلساً، وتضمنت مقترحات ومناقشات، وتم حل أكثر من 230 حالة في الميدان بحسب المعلن عنه، وما زالت المؤسسة مستمرة في مجالسها التي تجسد نبض الميدان التربوي بمختلف فئاته.

وفي نظرة إلى وزارة التربية والتعليم، نجد أن الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، التقى الميدان التربوي بمختلف فئاته في جلسة بعنوان: «التربية والتعليم في ضيافة مجالس الأمين»، إذ حرص على الإجابة عن أسئلة الميدان، واستمع إلى العديد من الاستفسارات والمقترحات من الميدان.

النصيب الأكبر

«الخليج» تواصلت مع عدد من أولياء الأمور والطلبة، الذين كان لهم النصيب الأكبر في المجالس المفتوحة للتعليم، حيث أكد كل من ح. عبد الله، ميثاء.ع، وعلياء.ح، سعيد.ع، أن المجالس لعبت دوراً محورياً في تجسيد نبض الميدان التربوي، وأذابت الحواجز بين قيادة التعليم وأولياء الأمور والطلبة، وهنا بات دورها فاعلاً ومؤثراً في مسارات التطوير التي ترتكز على مشاركة جميع عناصر الجميع التعليمية.

وفي إجابتهم عن سؤال عن القضايا الملحة التي تم مناقشتها خلال المجالس، أفادوا بأنها ركزت على ضرورة انتقاء المعلمين والمعلمات، لاسيما معلمي اللغات، إذ إن البعض منهم لا يجيد النطق الصحيح، ما يؤثر سلباً على أداء الطلبة ومستوياتهم في اللغات، فضلاً عن المطالبة بتقليص ساعات اليوم الدراسي الذي يرهق الطالب والمعلم وولي الأمر، وإعادة تشكيل المناهج وتقليصها واستبعاد «الحشو» منها، وهناك كذلك ملاحظات على بعض المدارس التي لا تعمل فيها الكاميرات ولا يتسم فيها الإنترنت بالجودة المطلوبة.

وجهات نظر

وفي وقفة مع عدد من المعلمين أكد كل من شيرين.أ، أمنة.ع، ح.ش، هاني.ح، عائشة.ع، عبد السلام.م، أهمية التوجه إلى مجالس مفتوحة ترصد وجهات نظر الميدان وتطلع على أبرز القضايا الملحة وتنظر المقترحات، وترد على الاستفسارات، ما ينعكس على خطط واستراتيجيات تطوير منظومة التعليم في الدولة لاحقاً، وفق حقائق ووقائع صادقة تتسم بالشفافية والواقعية، معتبرين إياها فرصة لتذليل المعوقات أمام جميع الفئات في المجتمع المدرسي، لاسيما أنها تستمع لكل الآراء وتهتم بالمقترحات.

وقالوا إن نصيبهم في تلك المجالس كان الأقل حتى الآن، مشددين على أهمية لقاء المعلمين الذين يعيشون العملية التعليمية بكل تفاصيلها، ولديهم الكثير من المقترحات والمبادرات والأفكار التي تخدم عملية التطوير في جميع مفاصل العملية التعليمية، فضلاً عن أن للمعلمين مطالب خاصة للارتقاء بمستوياتهم مهنياً ومهارياً، وينبغي على القائمين على هذه المجالس تخصيص مساحة لمشاركة المعلمين، لاسيما أن تطوير المنظومة التعليمية يحتاج إلى كوادر تعليمية مؤهلة مهنياً وتتمتع بالاستقرار والارتياح النفسي والمعنوي، لتمكينهم من أداء رسالتهم في بناء الأجيال.

اتجاه اللامركزية

وفي لقاء مع عدد من التربويين، أكد الدكتور فارس الجبور، وسلمى عيد، ووليد فؤاد لافي، ورانيا عبد السلام، أن مسارات تطوير التعليم تتخذ اتجاه اللامركزية، بمشاركة فئات الميدان التربوي، وهذا يقابله توزيع جديد للمهام، والسرعة في معالجة المستجدات، والبث فيها بما يخدم اتجاهات تطوير المنظومة، مؤكدين أن المجالس المجتمعية التي جمعت قيادات التعليم بالميدان استحوذت على الساحة التعليمية خلال الشهور القليلة الماضية، وركزت على تحقيق تكاملية أدوار جميع العناصر في عملية التطوير.

وأفادوا بأن المجالس وقفت على قضايا مهمة بدأت تطفو على الساحة التعليمية في السنوات الماضية، منها تعزيز مهارات الطلبة التعليمية، وتطوير المناهج وفق متطلبات كل مرحلة، وتأهيل المعلمين بحسب المستجدات المطروحة، والتركيز على استيعاب قضايا الميدان التربوي والعمل على حلها أولا بأول، لتحرير مجتمع التعليم من أية منغصات تعوق تقدمه، فضلاً عن تحقيق جودة المخرجات وتمكينها من وظائف المستقبل، وقدرة التعليم الوطني على التنافسية العالمية.

5 مبررات

من جانبه أوجد الخبير التربوي الدكتور إبراهيم الحربلي، 5 مبررات تفرض ضرورة وجود المجالس المفتوحة في مجتمع التعليم، أبرزها تحقيق التكامل في الأدوار والرؤى والاتجاهات بين الميدان وقيادات التعليم، وتحقيق الانسجام والاتساق بين فئات العملية التعليمة من كوادر ومؤسسات، والوقوف على الاحتياجات الفعلية ورصد قضايا الميدان التربوي، لإيجاد حلول ومعالجات عاجلة، فضلاً عن توفير رؤية صادقة تجسد الواقع الفعلي للعملية التعليمية في المجتمع، ما يسهم في التخطيط الجيد وفق متطلبات كل مرحلة تطويرية.

وفي إجابته عن سؤال عن المخرجات التي قد نحصدها من هذا الاتجاه، أفاد بأنها كثيرة ومؤثرة، إذ تسهم في تعزيز منظومة التعليم بشكل متكامل يجمع أطراف العملية التعليمة، ليسير الجميع في مسار تطوير واحد، وبناء شراكات جديدة تؤدي أداوراً فاعلة تنعكس إيجابياً على مخرجات المنظومة، فضلاً عن تحقيق الاستمرارية في تطوير المعايير وفق الاحتياجات عند الانتقال من مرحلة لمرحلة جديدة.

واكد أن مناقشة الإشكاليات والصعوبات ضرورة ملحة، تمكن القائمين على التعليم من وضع ضوابط وآليات وخطط تذيب المعوقات التي تواجه الميدان، وهذا أيضاً يسهم في تحقيق الجودة والتميز بين فئات العملية التعليمية، موضحاً أن هذا الاتجاه يوفر فرص نوعية لإعداد برامج التقييم والمعالجة وخطط التحسين سواء على مستوى الطالب أو المدرسة، فضلاً عن الارتقاء بالمناهج وتطويرها بحسب مستوى المخرجات من عام إلى آخر، فضلاً عن نوعية الأنشطة التربوية التي يتطور محتواها بفعل حقبة التطوير الراهنة.

وقال إن المجالس المفتوحة ينبغي أن تستهدف جميع الفئات في الميدان التربوي.

مجالس «الخاصة» صورية

أكد عدد من عناصر المنظومة التعليمية، أن المجالس التعليمية في المدارس الخاصة «صورية»، ومازال مجتمع التعليم الخاص في حاجة إلى لقاءات وحوارات مؤثرة تشارك فيها جميع الفئات، مطالبين الجهات القائمة بالإشراف على المدارس الخاصة بقيادة تلك المجالس والحوارات، لتواكب موجة التطوير التي يشهد قطاع التعليم في الدولة.

وتعد المجالس المفتوحة التي تستهدف لقاء الميدان التربوي بفئاته وجهاً لوجه، مساراً مؤثراً للتطوير وتحقيق جودة المخرجات في المرحلة المقبلة، وتخاطب في مضمونها توجيهات القيادة الرشيدة للدولة، بضرورة إشراك فئات المجتمع كافة، أشخاصاً ومؤسسات في عملية تطوير مستقبل التعليم في الإمارات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/262vz85r

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"