عادي
الإسلام دين جمال وبهجة ويرفض العزلة عن الحياة

التدين.. والاستمتاع بالمباحات

22:53 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني
اختلطت مفاهيم التدين في أذهان كثير من الناس- رجالاً ونساء- حيث فهموا أن التدين يعني العزلة عن الناس، وهجر كثير من مظاهر البهجة والسعادة، وحرمان النفس والأهل من كثير من الطيبات والمباحات، وتخصيص أغلب الأوقات للعبادة.

فما ميزان هذه السلوكيات وغيرها في نظر الشرع؟ وهل الإسلام يفرض على المسلم هذه العزلة حتى يكون محلاً للرضا والقبول من خالقه؟ وهل تديّن الزوجة يعني إهمالها لحقوق زوجها وعدم التجمل له؟

تساؤلات كثيرة ومهمة تتعلق بجوهر التدين الصحيح وعلاقة المتدين بالآخرين.. عرضناها على عدد من كبار علماء الإسلام.. فبماذا أجابوا عنها؟

1

يؤكد د.محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن الإسلام لا يعادي الحياة، ولا يفرض على أتباعه أسلوب حياة جامداً خالياً من المبهجات، ومتطلبات النفس البشرية، بل يرفض ديننا الخاتم أن يعيش الإنسان في كآبة ونكد، حتى ولو كان يقضى وقته كله قي العبادة وعمل الخير، فحياة المسلم حياة متوازنة يستمتع فيها بكل المباحات، ويقتطف من ثمار كل ما تطيب به نفسه طالما كان مباحاً.. كما أن الإسلام يحث المسلم على أن يكون دائماً في صورة طيبة، نظيف الشكل، جميل الهندام، يهتم بنفسه، كما يهتم بجمال بيته ومكتبه وسيارته، فهو ينتمي لدين الجمال والأناقة والذوق الرفيع، وكل تعاليمه وتوجيهاته وطرقه ومسالكه تؤدي إلى ذلك.

لذلك يشدد د.مختار جمعة على أن التدين لا يعني إهمال المظهر، أو التخلي عن قيم النظافة والجمال بداعي الزهد في الدنيا، كما يتوهم بعض المتدينين الذين يهملون ثيابهم، ويظهرون في صورة منفرة، لا تجسد تعاليم الإسلام وقيمه وآدابه، ويقول: الإسلام دين بهجة وسعادة، وهو يقود الإنسان إلى حياة كلها تفاؤل، ويدفعه إلى مزيد من العمل والإنتاج للارتقاء بحياته، وهذا الدين العظيم بريء من هؤلاء الكسالى الذين لا يهتمون بمظهرهم، ويفهمون الزهد في الدنيا فهماً خاطئاً، ويجسدون صورة منفرة لأنفسهم لا يقرّها ديننا.

ويوضح د.جمعة أن الإسلام لا يطلب من المسلم أن يهتم بجمال شكله وحُسن هندامه فحسب، بل يدعوه إلى تذوق كل صور الجمال في الكون المحيط به، كما أنه مطالب بتجميل بيته ومكتبه وسيارته بقدر ما يستطيع، ولنا أن نتأمل قول الحق سبحانه:«والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون»، وهو سبحانه وتعالى القائل:«وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة...»، ويقول سبحانه: «أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت. وإلى السماء كيف رفعت. وإلى الجبال كيف نصبت. وإلى الأرض كيف سطحت»، ويقول سبحانه في شأن السماء: «وزيّنا السماء الدنيا بمصابيح»، ويقول أيضاً:«وزيّناها للناظرين».

بهجة وسعادة

د.على عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر يؤكد حاجتنا الآن إلى إبراز مفاهيم التدين الصحيح بعد أن اختلطت الأوراق في أذهان البعض، وتصور هؤلاء أن التدين يعنى العزلة عن الحياة وحرمان النفس مما أحلّه الله.. ويقول: نحن أتباع دين متوازن، يفرض على المسلم أن يعيش حياته كلها بحلوها ومرها، وأن يدرك أن هذا الدين العظيم يضع المسلم دائماً على طريق الحياة السعيدة، وكل أحكامه وتوجيهاته وآدابه وأخلاقياته تدفع الإنسان إلى أن يتفاءل ويبتهج، ويروّح عن نفسه بكل ماهو مباح ومشروع من وسائل الترفيه، وأن يجلب السعادة والبهجة لنفسه والمحيطين به والمتعايشين معه، بعد أن يسيطر على مشاعره، ويضبط نفسه، ويتخلص من حياة النكد التي يحلو للبعض أن يعيش فيها، ويفرضها علينا تحت ستار الجدية والتدين.

ويضيف: نتعلم من ديننا كيف نعيش حياتنا وفق منهج الله، نستمتع بالطيبات والمباحات، ونتجنب المحرمات، ولذلك لا يجوز لمسلم أن يجلب النكد لنفسه أو للمحيطين به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان صانعاً للسعادة والبهجة، وكان يحرص أشد الحرص على نشر الشعور بالسعادة بين الناس في كل وقت، وهو يعلمنا أن المسلم الحق مبتهج متفائل راغب في الحياة، يسعى إلى صناعة الحياة الطيبة، يعلم أن النفوس الراضية، والوجوه المبتسمة، والقلوب العامرة بالطمأنينة، هي التي تعيش الحياة الطيبة التي يريدها الإسلام لكل أتباعه.

ومن هنا فطالما أن الإسلام دين بهجة وسعادة، فالمسلم الحق إنسان مبتهج مقبل على الحياة، متفائل لا يعرف العبوس والتجهم الذي يظهر على بعض المتدينين ويعتبرونه من علامات التقوى والورع، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوجهنا دائماً إلى طلاقة الوجه فيقول:«لا تحقرنّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»، وهى يعني أن البشاشة في وجوه الناس من علامات المعروف، ومن مظاهر التقرب إلى الله عز وجل.

ولذلك.. ينصح أستاذ الثقافة الإسلامية بالأزهر كل إنسان يريد أن يعيش في كنف تعاليم الإسلام أن يعيش حياة التوازن والاعتدال، ويقول: ليس من الإسلام معاداة مظاهر البهجة والسرور والجمال في الحياة، كما أن التجهم والعبوس وترك الزينة المباحة ليس علامة تقوى وورع.. فالمسلم الفاهم لتعاليم دينه هو الذي يعيش الحياة بكل أبعادها، وهو الذي يستمتع بكل طيباتها، فالمسلم مطالب بأن يرتدي أفضل الثياب وأن يظهر دائماً أمام الآخرين في صورة حسنة جذابة، وأن يكون مرحاً مقبلاً على الحياة.

صنع الحياة السعيدة

تؤكد د.مهجة غالب الأستاذة بجامعة الأزهر والعميدة الأزهرية السابقة أن الإسلام بتعاليمه وآدابه وتوجيهاته يصنع الحياة السعيدة التي تحقق للإنسان كل طموحاته في الحياة، وهذه الحياة السعيدة تتطلب من الإنسان التسلح بالطموح والتفاؤل، والرغبة في الحياة السعيدة التي تلبى للإنسان طموحاته.

وتضيف: الإسلام يحارب دائماً مشاعر الإحباط واليأس داخل الإنسان، وتعاليم ديننا تصنع بالفعل الحياة الطيبة التي يتطلع إليها كل إنسان.. فقد جاء ديننا العظيم بكل ما يوفر مقومات الحياة الكريمة، وغرس القيم النبيلة القادرة على صناعة إنسان سوى قادر على مواجهة كل التحديات، ولم يعد مطلوب من المسلم إلا أن يتعرف على دينه معرفة صحيحة، ويطبق تعاليمه، ويلتزم بآدابه، ويحرص على أخلاقياته، لكى يعيش مطمئنا سعيدا مبتهجا منتجا مفيدا لنفسه ولأسرته ولمجتمعه مقبولا من كل المحيطين به.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mvps4hph

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"