الناس للناس

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

قد يكون الحديث عن عمل تلفزيوني، شأناً فنياً أو إعلامياً لا كليهما، لكنه يتحول أحياناً إلى كلام إنساني - اجتماعي، وحالة ترمز إلى مجتمع وأرض ونهج دولة، مثلما هي الحال مع برنامج «قلبي اطمأن» الذي انتقل مقدمه غيث، من مجرد شخص، إلى رمز لدولة الإمارات، والنهج الذي تسير عليه؛ حيث تضع كل ثقلها في سبيل مساعدة الآخرين، دون انتظار مقابل، ولا يكون الهدف الترويج ولا الدعاية ولا التباهي، إنما الهدف الأول والأخير، العمل التطوعي ومساعدة الإنسان أينما كان. 
‎لم يعد البرنامج مجرد عرض تلفزيوني يواكبنا في رمضان من كل عام؛ بل انتقل إلى مرحلة تشجيع الناس، ليكون كل منهم هو غيث، القادر على مساعدة الآخرين بلا منّة، ولا تمييز وتفرقة، ودون انتظار أن يحصل على شيء في المقابل، وإقبال الشباب على شراء حقيبة غيث ودفتره وقميصه «الناس للناس»، لا يعنينا منه المظهر و«الترند»، علماً أن صفحة البرنامج تروّج لهذه المنتجات، منذ 2021 ولا يعدّ الإقبال على شراء المنتجات جديداً؛ بل يعنينا ما وراء البيع وانتشار حقيبة ودفتر «قلبي اطمأن»، أي الدعم المادي العائد في جزء منه للبرنامج، وجزء للأعمال الخيرية، والأهم هو المردود الاجتماعي، أي انتشار فكر التطوع وعمل الخير بلا مقابل، والسعي والتخطيط، للبحث عن حالات تحتاج فعلاً إلى المساعدة والحالات الصعبة التي لا تجد دعماً من جهات رسمية أو مؤسسات خيرية. 
‎انتشار فكرة «الناس للناس»، تعيد للمجتمعات روح زمان؛ حيث كانت اللهفة كبيرة والكل يخاف على الكل، والناس تقدم العون والمعونة لمن يحتاج إليهما، دون أن يسأل، يوم كانت «الفزعة» حية في ضمائر الناس وقلوبهم جميعاً، يقبلون على فعل الخير عفوياً وتلقائياً، وكأنه من أساسيات الحياة التي تربّوا عليها، ولا يجيدون العيش من دونها؛ وأن يكون للإمارات دور في حثّ الناس على العودة إلى هذه الروح الأصيلة الطيبة، ولو عبر برنامج تلفزيوني رمضاني، فهو ما ينسجم مع سياستها الدائمة في نشر الوعي بمفهوم التطوع وفعل الخير، داخل الدولة وخارجها. 
ولعل أهم ميزة في غيث، أنه فاعل الخير المشهور المجهول، ونتمنّى أن يصبح هناك آلاف النماذج من غيث في كل مجتمع وفي كل بقعة على الأرض، وينتشر شعار «الناس للناس» فيعم الخير في مواجهة الأنانية السائدة والعزلة التي يغرق فيها البشر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/534e2kz8

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"