عادي
درة تاج شركات التكنولوجيا الإنجليزية

«آرم» البريطانية تفضل الإدراج في أمريكا.. لندن «سوق إشكالية»

17:32 مساء
قراءة 4 دقائق
إعداد: هشام مدخنة
قد تكون المملكة المتحدة مكاناً رائعاً لبدء أعمال التكنولوجيا، ولكن عندما يتعلق الأمر باتخاذ الخطوة الحاسمة لتعويم عملك، فالصورة ليست وردية كما تتصور. وهذا هو الدرس الذي تعلمته العديد من شركات التقنية عالية النمو في لندن.
فعندما تم طرح شركة «ديليفرو» للاكتتاب العام سنة 2021، في ذروة طفرة توصيل الطعام التي أحدثها الوباء، انخفض سهم الشركة بسرعة قياسية وبنسبة وصلت إلى 70% عن سعر الافتتاح.
آنذاك ألقى المستثمرون اللوم إلى حد كبير على الطبيعة غير المؤكدة قانوناً لأعمال ديليفرو، التي اعتمدت على شركات نقل مع عقود خدمات مؤقتة لتوصيل الطلبات إلى العملاء. وهذا في حد ذاته موضع قلق كبير للعمال، ممن يتطلعون إلى الاعتراف بهم كموظفين مع الحد الأدنى من الأجور ومزايا أخرى.
لكن بالنسبة إلى العديد من مستثمري التكنولوجيا، كان هناك سبب آخر أكثر منهجية للقلق، وتم الاستشهاد به كعامل وراء القرار الأخير لشركة «آرم» ARM العملاقة لتصميم الرقائق بالعزوف عن إدراج أسهمها في المملكة المتحدة لصالح ظهورها الأول في سوق الولايات المتحدة.
  • البحث عن الربح
لم يكن الأمر بالمستغرب، فوفقاً للعديد من أصحاب رؤوس الأموال، يفتقر المستثمرون «المؤسساتيون» الذين يهيمنون على سوق لندن إلى الفهم الجيد للتكنولوجيا. وقال حسين كانجي، من «هيسكتون فينتشرز» ومقرها لندن: «إنها ليست البورصة، بل الأشخاص الذين يتداولون فيها. وأعتقد أنهم يبحثون عن الأسهم التي تُدر توزيعات أرباح أعلى، بدلاً من تلك ذات النمو المرتفع، لقد لجأ عدد من المستثمرين إلى بورصة لندن، لكنه لم يكن القرار الصحيح بحسب رأيهم».
  • مؤشر فوتسي
تم إدراج العديد من شركات التكنولوجيا في بورصة لندن للأوراق المالية في عام 2021، في تحركات عززت آمال المستثمرين في ظهور المزيد من الأسماء التقنية الكبرى في مؤشر فوتسي 100 القياسي. وكان هناك بالفعل بعض الحالات الإيجابية، مثل شركة الأمن السيبراني «دارك تريس»، التي قفز سهمها بنحو 16% من سعر الإدراج.
لكن عموماً، وعلى غرار «ديليفرو»، شهدت الشركات التي سلكت هذا الطريق تدهور أسهمها بالكيفية نفسها تقريباً. ومنها «وايز»، شركة تحويل الأموال في المملكة المتحدة، التي تراجعت بأكثر من 40% منذ إدراجها المباشر في بورصة لندن للأوراق المالية في ذلك العام. مما يؤكد الإجماع الواسع بأن لندن فشلت في جذب بعض شركات التكنولوجيا الضخمة التي شدت الرحال إلى شواطئ العم سام لترسو في بورصة نيويورك، وتعزز مؤشراتها الرئيسية مثل «ناسداك» وتصبح مألوفة هناك. ومع اختيار «آرم» الظهور لأول مرة في الولايات المتحدة بدلاً من المملكة المتحدة، يخشى البعض من استمرار هذا الاتجاه.
وقال هاري نيليس، من «أكسيل فينتشر كابيتال» لشبكة «سي إن بي سي»: «إن لندن سوق إشكالية للغاية وليست فعالة بشكل أساسي، وهذه حقيقة معروفة. لكن مع ذلك، فالاكتتاب العام هو مجرد حدث تمويل، ومكان تحصل فيه على المزيد من الأموال لتنمو، وخفوته لا يعني أن المملكة المتحدة ليست جذابة للمستثمرين».
ما دور بريكسيت؟
أرخى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بظلاله على مستقبل الطروحات العامة الأولية لقطاع التكنولوجيا. فتراجعت الأموال التي جمعتها الشركات المدرجة في لندن إلى أكثر من 93% في عام 2022، بحسب «كيه بي إم جي»، وتراجعت السوق ككل بسبب بطء النمو الاقتصادي، وارتفاع أسعار الفائدة، والحذر بشأن أداء الشركات البريطانية.
وألقى هيرمان هاوزر، الذي لعب دوراً مهماً في تطوير أول معالجات آرم، اللوم على قرار الشركة بالإدراج في الولايات المتحدة بدلاً من المملكة المتحدة، على ما وصفه بالخروج «الأحمق» لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال لـ«بي بي سي»: «الحقيقة أن نيويورك هي بالطبع سوق أعمق بكثير من لندن، ويرجع ذلك جزئياً إلى حماقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فمنذ ذلك الوقت، بهتت صورة لندن كثيراً في المجتمع الدولي».
  • جوهرة التاج
غالباً ما يشار إلى «آرم»، ومقرها كامبريدج، على أنها «جوهرة التاج» للتكنولوجيا في المملكة المتحدة. فرقائقها تُستخدم في 95% من هواتف العالم الذكية. وتتطلع «سوفت بنك» برئاسة ماسايوشي صن، التي استحوذت على الصانع البريطاني مقابل 32 مليار دولار عام 2016، إلى تعويم الشركة في نيويورك بعد أن فشلت في بيعها لشركة «إنفيديا» الأمريكية العملاقة لصناعة الرقائق لقاء 40 مليار دولار.
وبحسب ما نقلته «سي إن بي سي»، فإنه على الرغم من قيام ثلاثة رؤساء وزراء بريطانيين بالضغط من أجل إدراجها في لندن، اختارت شركة «آرم» سوق الأسهم الأمريكية. وفي الأسبوع الماضي، سجلت سراً لأجل ذلك. وتتوقع أن تجني ما يقرب من ثمانية مليارات دولار من العائدات، وتقييم ما بين 30 و70 مليار دولار.
  • تصحيح المسار!
رغم هذا، تسعى الجهات التنظيمية البريطانية إلى جذب شركات التكنولوجيا إلى سوق المملكة المتحدة. وفي ديسمبر/كانون الأول، أطلقت الحكومة مجموعة من الإصلاحات التي تهدف إلى جذب الأعمال ذات النمو المرتفع. وتضمنت الإجراءات السماح لشركات التقنية بإصدار أسهم من فئة مزدوجة، وهي جذابة للمستثمرين المؤسساتيين؛ لأنها تمنحهم المزيد من السيطرة على أعمالهم في السوق الرئيسية.
وفي الأسبوع الماضي، اقترحت هيئة السلوك المالي أيضاً تبسيط قطاعات إدراج الأسهم القياسية والعلاوة كفئة واحدة للأسهم في الشركات التجارية. وقالت الهيئة التنظيمية، إن هذا من شأنه أن يزيل متطلبات الأهلية التي يمكن أن تردع الشركات في مراحلها المبكرة، ويسمح بمزيد من هيكلية الأسهم ذات الفئة المزدوجة، ويلغي تصويت المساهمين الإلزامي على قرارات الاستحواذ.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yw45vmdj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"