فـي مدارسنا «صالون ثقافي»

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

لم نكن ننتظر خبراً يأتينا من السويد كي نتذكر واقع التعليم اليوم وكي نبدأ بالتعبير عن قلقنا تجاه تراجع مستوى الطلبة في الكتابة السليمة وحسن التعامل مع القلم والحروف وتركيب الجملة وتشكيلها والتنوين.. نحن ندرك جيداً أن دخول التكنولوجيا والاستسلام لها بشكل كبير في الدراسة وتحديداً الكتابة الإلكترونية أي بعيداً عن الورقة والقلم، تسبّب في زيادة اتساع الفجوة بين الطلاب واللغة خصوصاً العربية، وتراجع مستواهم في الكتابة؛ إذ يكفي أن تلغي من أي جهاز كمبيوتر وتابلت ولابتوب وموبايل المصحح الفوري والتلقائي لأخطاء الكتابة، كي تكتشف الكوارث الإملائية التي تنتج عن كتابة كثير من الطلبة، إننا يبدو أن الصرخة التي أُطلقت في السويد للعودة إلى الورقة والقلم والكتابة والقراءة بعيداً عن الألواح الإلكترونية، وصل صداها سريعاً إلينا فتفاعل الناس معها على السوشيال ميديا، ودارت الأحاديث بين أولياء الأمور على صفحاتهم وفي أروقة المدارس. 
لتطور وسائل التعليم إيجابيات كثيرة، لا يمكن العودة عنها أو حتى التفكير في الاستغناء عنها، لكن العالم جرفنا خلف موجات التهليل للتفاهات والاستغلال السيّئ للوسائل الإلكترونية، فسلخ الأجيال الجديدة عن ثوابت قادت كل الأجيال السابقة إلى طريق التعمق في أصول الكلمة ومعانيها وقيمة الحروف والقلم والكتابة وإجادة القراءة ومخارج الحروف.. لا العودة بشكل تام إلى الوراء مفيدة، ولا الاسترسال في تجاهل تدني مستوى الطلبة في الكتابة والإملاء مقبول، ولعل الإمساك بالعصا من منتصفها هو الحل الأمثل، خصوصاً أن التكنولوجيا جعلت العالم كله بين أيدي الأجيال الجديدة، ومكنتها من تقنيات تسهل عليها الوصول والتقدم في العلم والعمل إذا أجادت استخدامها. 
العودة إلى الكتب الورقية هي التوجه الجديد للمدارس في السويد، وهو مطلب ليس بعيداً عن متناول أيدي مدارسنا وطلابنا، خصوصاً أننا أفضل من غيرنا؛ إذ إننا لم نترك الطلاب يبتعدون كثيراً عن عالمي القراءة والكتاب الورقي، بفضل كل الأنشطة والمهرجانات والمسابقات التي تشهدها الإمارات، سواء من خلال المهرجان القرائي للأطفال ومعارض الكتب ومسابقة القراءة.. على أمل أن نشهد مسابقات في الإملاء وتشجيعاً من المدارس وليس فقط من الدولة لإعادة إحياء مكتبة المدرسة واستعارة الكتب منها بشكل دوري، وتلخيص القصص وإبداء الرأي فيها ومناقشتها داخل الفصول، فليكن في كل مدرسة ما يشبه الصالون الثقافي المصغر، علّنا نفتح أبواب الارتقاء باللغة والحوار والفكر والثقافة مجدداً وأمام كل الأجيال.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3nhedbf7

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"