اتفاق الحبوب في مهب الصراع

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يبدو أن اتفاق الحبوب الذي أُبرم بين روسيا وأوكرانيا بجهود تركية وأممية في 22 يوليو/تموز 2022، وجرى تمديده آخر مرة في 17 مايو/أيار الماضي لمدة شهرين، أي حتى 17 يوليو/تموز المقبل، يواجه احتمال الانهيار، بسبب عقبات تواجه تصدير الحبوب والأسمدة الروسية. إذ ترى موسكو أن الاتفاق يدخل في إطار الحرب الاقتصادية الغربية التي تتعرض لها، وبالتالي فإن استمرار العمل به ليس في مصلحتها.
كان هدف الاتفاق بالأساس المساعدة على مواجهة أزمة الغذاء العالمية التي فاقمتها الحرب الأوكرانية، باعتبار أن البلدين هما من أكبر مصدري الحبوب والأسمدة في العالم.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هدد قبل يومين بانسحاب بلاده من الاتفاق، وقال: «نحن لا نفعل ذلك (الصفقة) من أجل أوكرانيا، ولكن من أجل البلدان الصديقة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية».
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد حذر من استمرار العراقيل في وجه بلاده، وقال: «إذا بقي كل شيء على حاله، ومن الواضح أنه سيبقى كذلك، فسيكون من الضروري المضي انطلاقاً من حقيقة أن الاتفاق لم يعد يعمل».
روسيا تشترط السماح لها بتصدير الأسمدة، مقابل السماح لأوكرانيا بتصدير القمح، باعتبارها الدولة الأكبر في العالم في تصدير الأسمدة الكيماوية بنسبة 13 في المئة، وهي سلعة روسية تحتاج إليها الدول الإفريقية وغيرها، نظراً لاعتدال أسعارها، كما تطلب إعادة العمل بنظام «سويفت كود» في البنوك الروسية، والذي أوقفه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ضمن العقوبات على روسيا بعد نشوب الحرب، وذلك كي تتمكن من الحصول على مستحقات صادراتها من الحبوب التي لا تحصل عليها، نتيجة وقف التحويلات على بنوكها.
هذا يعني أن تجديد الاتفاق ليس مضموناً، إذا ما أصرت موسكو على موقفها، لذلك حذرت الأمم المتحدة من تهديد جديد للأمن الغذائي العالمي في حال تنفيذ موسكو لتهديدها، الأمر الذي أثار قلق الدول الفقيرة، خصوصاً تلك التي تعتمد بشكل شبه كامل على الحبوب والأسمدة من البلدين، حيث سترتفع أسعار القمح والذرة والأعلاف والفول والصويا وزيت عباد الشمس، وربما يصل إلى الضعف، ما يعني زيادة التضخم والركود.
يذكر، أن ربع صادرات أوكرانيا تذهب إلى الدول الأفقر في العالم، في حين تستحوذ الدول ذات الدخل المرتفع على حوالى 50 في المئة منها، فيما يشتري برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نصف كمية الحبوب التي تصدرها أوكرانيا، لتوزيعها كمساعدات إنسانية في مختلف أنحاء العالم.
روسيا التي تحصد 130 مليون طن من الحبوب سنوياً، وتصّدر منه 55 مليون طن،تقول إنها على استعداد لتقديم القمح مجاناً إلى الدول الإفريقية،إذا ما تم وقف العمل بالاتفاق، وإنها ستناقش الأمر قريباً مع القادة الأفارقة في موسكو، فيما تقول كييف إنها مستعدة لتصدير الحبوب عبر «خطة بديلة» من دون روسيا إذا انهار الاتفاق، من دون تحديد ماهية هذه الخطة، ومدى نجاحها، وما إذا كانت روسيا ستسمح بها.
من جديد، يدخل اتفاق الحبوب في مهب الصراع، فيما العالم يعيش حالة من القلق والترقب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hnmp6xx8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"