عادي

مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي.. انطلاقة لقياس النضج الرقمي في المصانع الإماراتية

00:47 صباحا
قراءة 5 دقائق

شكّل إعلان وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة عن اعتماد «مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي» في القمة العالمية للحكومات في فبراير الماضي، انطلاقة مهمة استهدفت تأسيس إطار عمل متكامل لقياس النضج الرقمي في المصانع، وممارساتها المستدامة، لصياغة خريطة طريق وطنية للتحول التكنولوجي الشامل في القطاع الصناعي.

وكان الهدف الاستراتيجي واضحاً، ونابعاً من إدراك الحكومة لضرورة الانتقال بالقطاع الصناعي التقليدي إلى قطاع أكثر إنتاجية وكفاءة وتنافسية، وقدرة على تعزيز ريادة الاقتصاد الوطني القائم على المعرفة، وتحقيق متطلبات الاستدامة الوطنية لاسيما في ظل استضافة الإمارات لأبرز دورة في مؤتمر الأطراف «COP28»، والذي ينظر إليه كمؤتمر استثنائي في تاريخ العمل المناخي، بحسب ما ذكر الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف.

كما يأتي التركيز الوطني على مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي، انطلاقاً من إدراك الوزارة للدور الحيوي للقطاع الصناعي في تسريع وتيرة التنمية الاقتصادية المستدامة وجهود خفض الانبعاثات في القطاع الصناعي، وفق ما أكدته في وقت سابق سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة.

وهناك تزامن واضح بين مساعي ومنهجية الإمارات لتحقيق مجموعة من المستهدفات الاستراتيجية ضمن مئوية الإمارات 2071، لإحداث نقلات نوعية تركز على خلق الاقتصاد الأنشط والأفضل عالمياً، وبين تكثيف دور التكنولوجيا المتقدمة كأحد أبرز هذه المرتكزات، عن طريق برنامج التحول التكنولوجي في القطاع الصناعي، الذي يستهدف تأهيل الكفاءات الإماراتية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وصقل مهاراتهم وخبراتهم، وتمكين مطوري التكنولوجيا ورواد الأعمال والشركات التكنولوجية الناشئة، وتحقيق أثر في الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 110 مليارات درهم و11 مليار درهم استثمارات التكنولوجيا المتقدمة.

ويعد مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي، أحد مبادرات «برنامج التحول التكنولوجي» وهو أحد «مشاريع الخمسين»، والذي يستهدف إطلاق ألف مشروع تكنولوجي بحلول عام 2031، وترسيخ الجهود الوطنية لزيادة قيمة صادرات المنتجات التكنولوجية بنحو 15 مليار درهم سنوياً، وتأهيل الكفاءات الإماراتية في مشاريع التكنولوجيا المتقدمة، وكذلك تمكين مطوري التكنولوجيا ورواد الأعمال والشركات التكنولوجية الناشئة لاختبار التقنيات الحديثة في الإمارات والانطلاق منها لمشاريع تحولية عالمية ذات أثر ملموس.

وفي سبيل تطوير المؤشر، تعاونت الوزارة بالشراكة مع دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، مع كبار المصنعين والشركات الاستشارية والتكنولوجية والخبراء، تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وهو ما شكل التزاماً إماراتياً راسخاً باحتضان وتسخير التكنولوجيا المتقدمة لدفع مسيرة النمو الصناعي المستدام، خصوصاً مع ما يتضمنه المؤشر من مكونات رئيسية تٌقيّم استثمارات الشركات الصناعية في البحث والتطوير.

وشوهد أثر مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي والتقنيات المتطورة الداعمة من خلال تعزيز الإنتاجية والكفاءة والاستدامة، ومساعدة المصانع على اتخاذ القرارات القائمة على البيانات لتعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية، وصولاً إلى دعم إنشاء مصانع مرنة ورشيقة ومستدامة قادرة على التكيف بمرونة مع المتطلبات المتغيرة في الأسواق.

وبدأت قصة المؤشر في الإمارات، مع إدراك وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة أهمية التكنولوجيا المتقدمة في تحسين الإنتاجية وتعزيز الكفاءة وتمكين الصناعة الذكية والمستدامة، وهو ما يرتبط بشكل رئيسي مع الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في أحد أهدافها الاستراتيجية، بتعزيز مكانة دولة الإمارات وجهة عالمية لريادة صناعات المستقبل، لتعزيز الإنتاجية والكفاءة، بما يعزز من تنافسية القطاع الصناعي.

وعملت الوزارة بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين من القطاع الخاص والشركات الدولية على تطوير أول مؤشر من نوعه يدمج حلول الثورة الصناعية الرابعة مع الاستدامة في إطار عمل واحد شامل، لمساعدة الشركات الصناعية على تعزيز تطبيقات وحلول الثورة الصناعية الرابعة في عملياتها، وتحقيق الريادة والاستفادة من إمكانات التكنولوجيا المتقدمة، وتحديداً: «يوكوغاوا إلكتريك» و«سيمنز» و«شنايدر إلكتريك» و«روكويل أوتوميشن» و«فيوتشر فاكتوري» و«مجموعة ايدج» و«دو» و«أكسنتشر».

ويتميز المؤشر الإماراتي بقدرته على توفير نهج متكامل للشركات الصناعية لتحديد مجالات التحسين لديها، هذا طبعاً بعد إجراء تقييم جاهزية النضج الرقمي لدى الشركات من خلال الشركاء الاستراتيجيين المذكورين، كما يساعد الشركات على تطبيق التكنولوجيا المتقدمة المناسبة لتعزيز الإنتاجية والكفاءة التشغيلية، وكذلك فرص تدريب الكوادر البشرية لدى المصانع للتكيف مع منظومة التحول التكنولوجي.

ودارت العجلة، ودعمت الوزارة 175 مصنعاً عبر وضع خريطة طريق لتحولها التكنولوجي، من خلال تقييم مؤشر النضج الرقمي، ليصل إجمالي المصانع التي تم دعمها إلى 275 مصنعاً، بنهاية العام 2022، ومن أبرز النتائج الإيجابية إعلان الشركات التي تم تقييمها أنها ستستثمر ما يزيد على 750 مليون درهم في حلول التكنولوجيا المتقدمة، بالإضافة إلى أن الوزارة حددت 14 مصنعاً وطنياً وأجنبياً عاملاً في الدولة ضمن فئة «المنارات الصناعية» كمنشآت رائدة في تبني تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.

واتسعت رقعة التطبيق لتتجاوز حدود دولة الإمارات إلى نطاق إقليمي، عندما وقعت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة مذكرة تفاهم مع مركز«MEXT» للتكنولوجيا التابع لنقابة صانعي المعادن في تركيا MESS بهدف تطبيق مؤشر التحول التكنولوجي في القطاع الصناعي للمرة الأولى خارج دولة الإمارات على المستوى الإقليمي، وهي الشراكة التي تأتي بعد أن أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO عن مساعيها لترويج تطبيق المؤشر نفسه على المستوى الدولي. كانت الاتفاقية مع مركز«MEXT» أحدث اتفاقيات توسيع نطاق التطبيق، حيث ستتعاون الوزارة مع MEXT لنشر الوعي الإقليمي بالمؤشر.

وخلال تطبيقه، ألهم مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي الكثير من المصنعين في دولة الإمارات للتفكير بجدية إلى التحول التكنولوجي في خطوط الإنتاج الخاصة بهم، خصوصاً أن عملية التقييم سهلة وبسيطة وتستغرق يوماً واحداً، مقابل الانعكاسات الكبيرة والفوائد التي ستحصل عليها المصانع بعد تلبية اشتراطات التطبيق، والتي ستؤدي إلى إحداث تأثير كبير على نمو وتوسع أعمالهم، إضافة إلى أن الوزارة تساعد المصنعين في توفير حلول تمويلية من قبل شركاء استراتيجيين مثل«مصرف الإمارات للتنمية» لتقديم تمويل تنافسي ومرن لعمليات التحول التكنولوجي لدى المصانع.

وتتزامن جهود الإمارات في التحول التكنولوجي مع تقدم الدولة 5 مراكز على المستوى الدولي في مجال التكنولوجيا والابتكار، حسب تقرير التكنولوجيا والابتكار 2023، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة من المركز ال 42 إلى المركز ال 37، ما يرسخ المكانة الدولية الإماراتية في الريادة التكنولوجية، وريادة صناعات المستقبل الصديقة للبيئة والمستدامة، ويوثق الجهود الوطنية النوعية التي تبنتها الدولة لتعزيز نشر التكنولوجيا الخضراء، وتبني أفضل ممارسات الاستدامة الصناعية، لتصبح قصة«مؤشر التحول التكنولوجي الصناعي» في الدولة بمثابة انعكاس للرؤية والتصميم والتخطيط الاستراتيجي الملتزم ببناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والابتكار، نحو تحقيق مستقبل مستدام بحلول العام 2071. (وام)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2htvjy8w

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"