بوصلة التفاؤل

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يقول الشاعر الطّغرائي: أعلل النفس بالآمال أرقُبها، ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل

التفاؤل هو النور الذي يضيء طريقنا في الظلمة، ويساعدنا على أن نعيش حياة ملؤها المحبة والسعادة والأمل، ويجعلنا نحقق أحلامنا وآمالنا وتطلعاتنا، وأن ننظر للحياة بعيون حالمة بما هو أفضل لحياة كريمة، مقتنعين بقضاء الله وقدره، وبعيدة كل البعد عن اليأس والتشاؤم والإحباط، فالمتفائل ينظر إلى العالم على أنه يمتلئ بالفرص والآمال، ويعتقد أن الأحداث تسير نحو الأفضل، وينظر إلى النصف المملوء من الإناء، وليس إلى النصف الفارغ منه كما يتصوره أصحاب النظرة المتشائمة والمحبطة.
فالتفاؤل يدفع الإنسان نحو العطاء والتقدم والعمل وتجاوز المحن، ويورث الطمأنينة وراحة القلب، وتدريب الذات على التمسك بالثقة في الله؛ لأنه دليل على التوكل على الله، ما يجعلهم من أحسن الناس صحة وسعادة وإيجابية؛ لأن هذا الشعور يعكس آثاراً مُفيدة على صحته، فلا تُفسد فرحتك بالقلق، ولا تعطل عقلك بالتشاؤم، ولا تدمر نجاحك بالغرور، ولا تضيع تفاؤل الآخرين بإحباطهم، ولا تهدر يومك بالنظر إلى الأمس، فلو تأملت في حالك لوجدت أن الله لم يمنع عنك حاجة رغبتها، إلا ولك في المنع خير، فالمنع أحياناً هو قمة العطاء.
فعلينا عيش اللحظات، وكأنها آخر الأوقات في حياتنا، والعيش بالأمل والحب وتقدير قيمة الحياة والكفاح، فالإنسان بدون أمل كالحياة بدون تنفس وبغير ابتسامة كوردة بلا رائحة، ودون إيمان بالله كوحش في قطيع لا يرحم، ولكن معظم الناس يضيعون تركيزهم وطاقاتهم في النظر إلى الباب الذي أُغلق عوضاً عن بارقة الأمل التي فتحت أمامهم على مصرعيها، فلماذا الخوف والشمس لا تظلم من ناحية إلا وتضيء في الجانب المقابل، وعلينا عدم اليأس والقنوط، فعادة ما يكون آخر مفتاح في مجموعة المفاتيح هو المُناسب لفتح الباب.
وإذا كان الأمس قد ضاع، فبين أيدينا اليوم، وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل، فلديك الغد، لا تحزن على الأمس، فهو لن يعود ولا تأسف على اليوم فهو راحل، بل تفاءل واحلم بشمس مُضيئة في غد جميل، فلا تثقل يومك بهموم غدك، فقد لا تأتي وتكون قد انحرمت سرور يومك البهيّ الوضّاء، فإذا أردنا أن نحيا حياة ملؤها الأمل والتفاؤل وتحقيق ما نريد بإذن الله، وإلا لن نجني إلا سوء التراجع إلى الوراء، وتكون المُحصلة النهائية هي الخسران؛ لذا علينا أن نعوّد أنفسنا وقلوبنا على التفاؤل والأمل بغد برّاق، ننطلق به إلى آفاق أرحب ليست لها حدود لبناء حياتنا بالشكل الأجمل كما نريد.
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي: وترى الشّوك في الورود    وتعمى أن ترى فوقها النّدى إكليلا
أيُّها الشّاكي وما بكَ داءٌ     كُنْ جميلاً ترى الوجود جميلا
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2rhyrk4s

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"