تنظيم أعمال شركات الطاقة في عصر الكربون المنخفض

20:50 مساء
قراءة 4 دقائق

بيورن إيورز *
مع تسارع الجهود حول العالم لتحقيق أهداف الحياد المناخي، أصبحت الحلول منخفضة الكربون فرصة جديدة وحيوية لضمان النمو في الشركات العاملة في قطاع إنتاج النفط والغاز. ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة، يتطلب تحقيق أهداف الحياد المناخي بحلول عام 2050 زيادة الاستثمار السنوي في الطاقة النظيفة حول العالم إلى نحو 4 تريليونات دولار بحلول عام 2030، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الاستثمارات الحالية. ومن المتوقع أن تحقق الشركات التي تمتلك خبرة واسعة في هذا المجال مكاسب كبيرة مستقبلاً.

وتشمل هذه الحلول مجموعة من المنتجات والخدمات والتقنيات منخفضة الكربون، والتي يمكن استخدامها كمصادر أو أدوات بديلة للطاقة يمكن الاعتماد عليها لإزالة الكربون من سلاسل العمليات والاستهلاك. وتنقسم هذه الحلول إلى ست فئات، هي: الهيدروجين والأمونيا، واستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، والطاقة الحيوية، والتنقل الأخضر والتخزين الكهربائي للبطاريات، وتقنيات إزالة الكربون، والطاقة المتجددة.

وتتطلع الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز إلى تبني هذه الاحتمالات والإمكانات وتطبيقها، حيث تبذل جهودها في تطوير الحلول منخفضة الكربون لتنويع عملياتها التشغيلية، وضمان تدفق الإيرادات مستقبلاً. وتتنافس في هذا الإطار مجموعة متنوعة من الشركات والتي تتضمن شركات الطاقة المتكاملة، والشركات الرائدة في قطاع النفط والغاز، وشركات النفط العالمية، وشركات النفط الوطنية.

ويؤدي تنامي المنافسة في قطاع الحلول منخفضة الكربون إلى دفع المؤسسات الرائدة لتعزيز مكانتها على المستويين، الاقتصادي والتنظيمي. ومن المؤكد أن الشركات التي تركز على تعزيز القدرات التنظيمية لأعمال الحلول منخفضة الكربون ستصبح أكثر قدرة على الاستثمار في هذه الإمكانات، مع الحفاظ على مكانتها الريادية.

على سبيل المثال، نجحت إحدى شركات النفط الوطنية على مستوى المنطقة، في بناء أول منشأة لاستخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه، بهدف تعزيز قدرتها على استخلاص ثاني أوكسيد الكربون بمعدل يفوق 500%، أي ما يقرب 5 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2030. ويتجلى نجاح شركات النفط الوطنية في هذا الإطار على مستوى الشرق الأوسط في التوجه نحو اعتماد الاستثمارات واسعة النطاق وبناء منظومة من الشراكات المتكاملة على المستويات، المحلية والإقليمية والعالمية، لضمان تلبية احتياجات العالم من مصادر الطاقة بمعدل أقل من الانبعاثات.

وتعتمد الشركات أربعة نماذج تنظيمية لدعم مساعيها الهادفة لخفض الكربون، وهي:

* نموذج الاحتضان: تعمل فرق الحلول منخفضة الكربون كمراكز للتميز، وتقتصر عملياتها على المشاركة في تطوير الاستراتيجيات والأعمال. ولا يتعدى عدد الأفراد العاملين فيها 20 شخصاً، وتقدم الفرق تقاريرها إلى مدير العمليات، أو مدير مسؤول في مرتبة أقل، ولا تقع على عاتقها مسؤولية الربح أو الخسارة. كما تعتمد الشركات التي تتبع هذا النموذج بشكل كبير على الجهات المعنية الخارجية من خلال عقد الشراكات أو المشاريع المشتركة، نظراً لمحدودية قدراتها. ويعتبر هذا النموذج التنظيمي الأقل نضجاً.

* نموذج المواءمة مع القدرات: يتم ضم فرق الحلول منخفضة الكربون إلى إحدى الجهات التجارية القائمة الأكثر صلة، فعلى سبيل المثال، تنضم عمليات استخلاص الكربون واستخدامه وتخزينه إلى مجموعة علوم الأرض، والوقود الحيوي إلى البيع بالتجزئة. ويستفيد هذا النهج من القدرات الهندسية والتقنية وقدرات تنفيذ المشاريع الحالية. وتقدم فرق الحلول منخفضة الكربون تقاريرها لمدير العمليات، أو المدير المالي، وتتحمل مسؤولية محدودة أو معدومة للربح والخسارة. بشكل عام، تولي الشركات التي تتبنى نموذج الموائمة مع القدرات قدراً من الأهمية للحلول منخفضة الكربون، من دون اعتبارها جزءاً أساسياً من أعمالها.

* نموذج المواءمة مع السوق: تتم استضافة فرق الحلول منخفضة الكربون في جهات مستقلة لضمان توافق أجندتها الاستراتيجية مع أسواقها وعملائها. وتتحمل هذه الجهات مسؤولية الأرباح والخسائر، وغالباً ما تقدم تقاريرها مباشرة إلى الرئيس التنفيذي. وتتولى فرق الحلول منخفضة الكربون في إطار هذا الهيكل مسؤولية إدارة أنشطتها الأساسية، مع القدرة على الاستفادة من القطاعات الأخرى لإنجاز بعض الأعمال.

* النموذج المستقل: تعمل فرق الحلول منخفضة الكربون كجهات منفصلة في إطار هذه الهيكلية. وقد تعمل تحت إشراف رئيس تنفيذي ومجلس إدارة مختلفين، كما أنها مزودة بالكامل بالموظفين لإنجاز عمليات الدعم والوظائف التشغيلية. وتستخدم الشركات هذا النموذج عندما يتمثل هدفها في اقتطاع أنشطة الحلول منخفضة الكربون لسحب الاستثمارات، أو جذب المستثمرين.

وبغضّ النظر عن مدى التقدم الذي تحرزه الشركات لتحقيق أهدافها الكربونية، يجب على الرؤساء التنفيذيين ورؤساء الاستراتيجيات أن يضعوا في اعتبارهم ثلاث أولويات خلال السنوات المقبلة:

* البحث عن استراتيجيات جديدة للدخول إلى السوق من خلال شراكات ومشاريع جديدة وعمليات استحواذ هادفة: يؤدي دخول أسواق الحلول منخفضة الكربون إلى دفع الشركات لاستكشاف أنواع جديدة من الشراكات على مستوى مختلف القطاعات، ويتطلب النجاح في هذا المجال ضرورة اهتمام الجهات الرائدة باختيار الشراكات والنماذج التجارية الجديدة بدقة.

* تعزيز المرونة التنظيمية بما يتناسب مع الأعمال الجديدة منخفضة الكربون: يتطلب توسيع نطاق الشركات تغيير هياكلها التنظيمية، وعمليات تطوير المشاريع، واتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار التقني للمواءمة بشكل أفضل مع الأعمال منخفضة الكربون.

* التوظيف وصقل المهارات لتوسيع نطاق الأعمال: يستلزم توسيع القدرات والارتقاء بمجموعة الكفاءات الحالية ضرورة العمل على تطوير الموارد الحالية وجذب كفاءات جديدة تمتلك خبرة تقنية رائدة، إلى جانب عقد الشراكات وتنمية الخبرات التنظيمية، بهدف النجاح في خفض الكربون على المستوى المؤسسي. وتتوقع منظمة العمل الدولية أن يؤدي تخضير الاقتصاد العالمي إلى زيادة صافية قدرها 18 مليون وظيفة بحلول عام 2030.

* مدير مفوض وشريك أول.. وشارك في كتابة المقال جان كريستوف برنارديني، مدير مفوض وشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y3ezfax4

عن الكاتب

مدير مفوض وشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"