عادي
قرأت لك

«هذا ما كان»... حكاية ترويها عائشة المدفع

15:08 مساء
قراءة 4 دقائق
خلال توقيع كتابها «هذا ما كان» - عائشة إبراهيم المدفع
الكتاب

الشارقة: علاء الدين محمود

تحتل المرأة الإماراتية مكانة بارزة في المجالات الثقافية والأدبية والإبداعية على وجه الخصوص، وذلك بفضل الاهتمام الكبير في الدولة منذ التأسيس بالنساء وتمكينهن، فكان أن برزت العديد من الكتابات الإبداعية النسائية على مستوى الشعر والسرد وكتابة المقال. كتاب «هذا ما كان... حكاية إماراتية بدأت في السبعينات بصوت امرأة»، للكاتبة عائشة إبراهيم المدفع، الصادر في طبعته الأولى عن المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة، عام 2017، من المؤلفات المميزة التي تأخذ القارئ إلى أزمان عدة ومواضيع متنوعة بعطرية نسائية متميزة تغوص عميقاً في حكايات المجتمع منذ البدايات الأولى للدولة.

يتناول الكتاب العادات والتقاليد التي كانت ولا تزال سائدة في المجتمع الإماراتي، وقضايا المرأة، ويتناول كذلك شخصيات مؤثرة من الواقع الإماراتي والعربي كان لها أدوار فكرية وثقافية، إضافة إلى عدد من المواضيع الأخرى ذات الطابع التأملي، ويركز الكتاب على العوالم الخاصة بالمؤلفة وتصوير المشاهد القديمة في الحياة الإماراتية، بأسلوب شائق يحمل المتعة، ويكتسب الكتاب أهميته من كون مؤلفته أحد الرموز الإماراتية الاجتماعية والثقافية المعروفة.

الكتاب يقع في 136 صفحة من القطع الكبير، ويضم 117 مقالة كتبت لصحف ومجالات محلية وعربية أهمها مجلة «صوت المرأة»، التي صدرت عن جمعية الاتحاد النسائي بالشارقة عام 1974، حيث كانت للكاتبة مساحة ثابتة بعنوان «سوالف أم صلاح»، ويحتوي الكتاب على مقدمة والعديد من العناوين مثل: «نريد حلاً»، و«شكر على النقد»، و«صوت المرأة»، و«الطلاق»، و«جامعة الإمارات»، و«حلم تحقق» والعديد من المقالات الأخرى.

جاءت مقدمة الكتاب بقلم الكاتبة صالحة غابش، وهي تحمل تعريفاً بالمؤلفة؛ حيث تشير إلى أن عائشة المدفع صاحبة تجربة في رصد الواقع وكتابة حكايات المجتمع؛ كونها ترى الأشياء من وجهة نظر تتفرع إلى اتجاهين يتمثل الأول في قدرتها على قراءة تفاصيل الحياة ويوميات المجتمع الإماراتي، دون أن يفلت منها موقف عاشته، ويتمثل الاتجاه الآخر في عاطفتها التي تربطها بالوطن والمجتمع؛ فهي مواطنة إماراتية أصيلة، لذلك أسهمت في الكتابة وطرقت أبواب المجالات والصحف المحلية، لتعكس فيها ثقافتها المجتمعية، ومعرفتها، خاصة من خلال عملها لسنوات طويلة في جمعية الاتحاد النسائي بالشارقة، التي فتحت أبوابها للكثير من القضايا الاجتماعية والأسرية، فضلاً عن قضايا المرأة كإنسان له تأثيره وطموحاته واحتياجاته ودوره في تنمية المجتمع وتطور البلاد وازدهارها.

تعكس مقالات الكتاب ملامح الحياة الاجتماعية والثقافية في السبعينيات والثمانينات، وصولاً لتسعينيات القرن الماضي، ويحمل العديد من المواضيع التي تنسجم مع منعطفات ومتغيرات الحياة.

*وعي مبكر

ينفتح الكتاب على حياة الكاتبة نفسها؛ حيث تسرد جانباً من حياة الطفولة؛ إذ نشأت يتيمة الأم، فكان أن اعتنت بها هي وأختها زوجة عمها المرحومة موزة بنت علي النابودة، والدة حمد المدفع؛ حيث كان لهذه العمة دور كبير في حياة الكاتبة وشقيقتها، فقد كانت تقرأ معهما القرآن والكتب التاريخية وسير الحروب وقصص الأنبياء وسيرة الأعلام، وتتعمق الكاتبة في وصف الحياة في ذلك الوقت الباكر، والأجواء الأسرية، وتلفت إلى أن علاقتها بالقراءة والكتابة قديمة؛ حيث نشأت في بيت علم ومعرفة في كنف والدها الذي كان يمد أفراد أسرته بالكتب والمجلات والإصدارات الجديدة والقيمة، فهو شاعر وإعلامي كبير، له عديد من الإسهامات الثقافية والمعرفية، و كان شديد الشغف بالقراءة والاطلاع على الأحداث العالمية، وذلك ما قاده لإصدار أول صحيفة في الإمارات بعنوان «عمان» في عام 1927، وكان حينها شاباً في عقده الثاني، وذلك الأمر منحها فرصة لتكون مطلعة على مصادر القراءة المتوفرة وقتها، مثل المجلات والإصدارات التي كانت تأتي إلى البلاد، وقد شاركت المدفع عبر هذا الوعي المبكر في الحياة العامة في مختلف النشاطات الثقافية والمعرفية، وشغلت في وقت من الأوقات منصب مدير تحرير مجلة «صوت المرأة».

*قصة المجلة

ويستعرض الكتاب حكاية تأسيس مجلة «صوت المرأة»، والذي مثل حدثاً مهماً، وكانت محتويات المجلة من تأليف عضوات جمعية الاتحاد النسائي، وهن إماراتيات وعربيات، وشملت فصولها العلوم والشعر والقصة القصيرة والقضايا الاجتماعية وباباً للنصائح الأسرية، إضافة إلى باب للمناسبات الاجتماعية، وحتى الموضة وأخبار الفنون، وتقول الكاتبة عن لحظة تأسيس المجلة: «حين فكرنا في إصدار (صوت المرأة)، تواردت في أذهاننا مجموعة من الخواطر والتساؤلات مثل: ترى كيف يمكن أن ننجح في تغطيتها بالمواد المتنوعة التي تطلبها مجلة نرغب في أن تكون في مستوى طموحاتنا؟ وإلى أي حد من التوفيق يمكن أن نضمن لهذه المجلة صفة الانتظام والاستمرار بعد أن وضعنا في تخطيطنا إصدارها مرة مع مطلع كل شهر؟ ثم ما هي الإضافة الجديدة والمتميزة التي يجب أن نقدمها للقراء من خلال هذه المجلة حتى لا تصبح نسخة مكررة من المجلات التي يمتلئ بها عالم الصحافة العربية اليوم؟»، وتلفت الكاتبة إلى أن ذلك السيل من الأسئلة والخواطر كاد أن يذهب بهم إلى حد العدول عن فكرة تنفيذ هذا المشروع الحيوي، غير أن تشجيع العضوات والمشاركات في جمعية الاتحاد النسائي جعلهم يتجاوزون تلك المرحلة من التردد، ودفعهم خطوة واسعة على الطريق حتى تحقق الوعد بصدور المجلة.

*عيون الإمارات

وفي أحد المواضيع المهمة في الكتاب، والذي حمل عنوان «صورة من الماضي»، تستعرض المؤلفة مشهديات وصوراً مختلفة من أنماط الحياة والعيش في الإمارات ما قبل التأسيس؛ حيث تلفت الكاتبة إلى أن الحياة كانت شديدة البساطة، وفي موضوع آخر بعنوان «هي قوتنا اليومي»، تتحدث الكاتبة عن صحيفة الخليج والفرحة الكبيرة التي عمت بسبب صدور عددها الأول، فقد كانت هذه الصحيفة بمنزلة القوت اليومي الذي لا غنى عنه، وتقول الكاتبة عن جريدة الخليج: «هي عيون الإمارات الثاقبة التي تشبعك بتخصصاتها، وفي حرصها على التميز، أتمنى لها الازدهار والاستمرارية والتقدم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2yx8vwhj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"