مجرد أوهام

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

مع انتهاء العام الدراسي وبدء الإجازة، وانتعاش المراكز التجارية والمطاعم بالحركة المتواصلة والزحمة ليس فقط بسبب ازدياد أعداد السياح، بل بفضل خروج الشباب للاستمتاع بأجواء الصيف، يحزن القلب كلما رأينا تجمعات للمراهقين يكثر فيها أعداد المتباهين بالتدخين الإلكتروني بين رفاقهم، وكأنهم يقدمون شهادة إثبات لانتقالهم من مرحلة الطفولة إلى النضج و«الرجولة»!. 
منذ انتشار السيجارة الإلكترونية و«الفايب»، صار التدخين مظهراً من مظاهر الشياكة، وشكلاً ألحقه البعض بالشكل الاجتماعي الذي يحب الظهور به، متباهياً بأنه من فئة المتحضرين والمتطورين وال «هاي كلاس» أو الطبقة الميسورة وما فوق؛ صارت السيجارة الإلكترونية أكسسواراً باليد، يغري الصغار الذين لم يتجاوزوا مرحلة الطفولة بعد، والذين يعتبرون الضحايا الحقيقيين لكل تلك الوسائل المبتكرة لاصطياد أكبر عدد ممكن من المستهلكين حول العالم. 
أحياناً، لا نحتاج إلى إحصائيات ودراسات واستطلاعات رأي، كي ندرك ونفهم حقيقة ما يحصل، فالشارع يخبرنا عن اتجاهات الناس والشباب والمراهقين والأطفال، وفي الشارع نرى بأعيننا أعداد المدخنين المتزايدة بحيث لا يخلو أي تجمع شبابي من مدخنين ومدخنات، يحملون السجائر الإلكترونية في الصباح كما في المساء لا فرق، وكأنهم يحملون ميدالية مفاتيح البيت التي كان يتنافس الشبان في السنوات الماضية غير البعيدة على اختيار الأجمل منها وأكثرها تماشياً مع الموضة، ودلالة على بعض الرموز والمعاني العائلية أو العاطفية. 
لا نحتاج لاستطلاعات، لكننا نستند إليها أحياناً لنؤكد بأن ما نراه بأمّ العين ليس مجرد ظاهرة ضيقة الإطار، بل تنتشر إلى أبعد من أي حدود، وتقول أحدث الدراسات إن هناك زيادة بنسبة ٥٠٪؜ في أعداد الأطفال الذين يستخدمون التدخين الإلكتروني، وسأل المستطلعون الأطفال إذا كانوا قد جربوا ال «فايبينج» ولو مرة أو مرتين، وتبين أن نسبة استخدام الأطفال للتدخين الإلكتروني تضاعفت من ٥,٦ ٪ في عام ٢٠١٤ إلى ١١,٦ ٪ في ٢٠٢٢. 
يقول الباحثون إن «تعرض الأطفال لأي نوع ولأي كمية من النيكوتين ضار بالصحة ويجب ألا يحدث، حيث إن المخ في مرحلة النمو يكون شديد الحساسية للنيكوتين، ويمكن أن يحدث تلف في خلايا المخ التي ما زالت في طور التكوين»، فضلاً عن مدى خطورة التدخين السلبي على رئتي كل إنسان أياً كان عمره فما بالنا بالأطفال والمراهقين؟!. 
يتحجّج البعض بأوهام تقول إن التدخين الإلكتروني آمن من الناحية الصحية ولا يضر مثل السجائر العادية، لكنها مجرد أوهام يخدعون أنفسهم والآخرين بها، في عام ٢٠٢٢ كانت السجائر الإلكترونية الأكثر استخداماً بنسبة ٥٢٪ وارتفعت لتصل إلى ٦٩٪ في العام الحالي، وهي للأسف في متناول الجميع ولا أحد يردع طفلاً عن شرائها أو تدخينها، وبالتأكيد لن يكون الأهل أول من يعلم بما يفعله الأبناء في تجمعاتهم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nhh9fcd8

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"