لا هدنة في العيد

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

لا هدنة في العيد، ولا انقلاب يفاجئنا بتحولات إيجابية وأخبار مفرحة، تهل علينا من مختلف وسائل التواصل الاجتماعي؛ تلك المحطات التي حلت مكان المحطات الإخبارية والتلفزيونية ووكالات الأنباء بالنسبة لنا جميعاً، وليس لأبناء هذا الجيل فقط، صارت الصفحات المعتمدة لدينا لتلقي الأخبار، والاطلاع على أحوال الدنيا كل يوم، وهي للأسف لا تستريح في العيد، ولا تمنحنا فسحة، ولا مساحات للخروج عن المألوف والضحك والتفاؤل. 
كل عام وأنتم بخير، أمنية نرسلها لكل الأهل والأصدقاء والمعارف، والأمنية المكتوبة على الهاتف، تجر خلفها خبراً من هنا، ولقطة من هناك، وتطل الصراعات برأسها من كل زاوية، ومن خلف كل «تويتة» قد تقرأها وأنت تتصفح أحوال العالم، حتى المعايدات يحولها البعض إلى مناسبة للتشكيك بالنوايا، والتذكير بتاريخ فلان وعلان، ويصل التشكيك حتى بما ينشره البعض من طقوس العيد.
وكأنه لا وجود للنوايا الصافية في أي شيء، وموجة التشكيك عالية حتى تكاد تشعر بأنك محاط بعالم مزيف، والمزيفون ينتظرون أي فرصة، لينقضوا عليك وعلى العالم. 
امنحونا هدنة وامنحوا أنفسكم استراحة من التزييف والتشكيك، امنحونا هدنة ولو في العيد، كي نشعر بالتغيير، بالبهجة وبالمشاركة التلقائية بالأمنيات والمعايدات واللقطات العفوية والجميلة والابتسامات الظريفة والمحببة. 
نحتاج إلى السلام الحقيقي، النابع من سلام النفوس، سلام في التواصل الاجتماعي، على تويتر وإنستغرام وفيسبوك، وما شئتم من مواقع وصفحات.. سلام يلف العالم كله ولو في يوم واحد، اتفاق هدنة من حرب مجنونة يشنها العالم على العالم، تنطلق في الخفاء ولأهداف خبيثة فنتلقفها ونمشي خلفها ومعها، لنصير نحن كرة الثلج التي تكبر وتتضخم ثم تنفجر. 
كل النفوس صارت مشحونة، كل المتصفحين والمرتبطين ب«السوشيال ميديا» وكم الأخبار والتغريدات والفيديوهات التي تتوالى عليهم بلا انقطاع صاروا متوترين؛ بل باتوا سريعي الاشتعال، يكاد الواحد منهم لا يستوعب حواراً عادياً؛ بل يشتعل غضباً وينفعل بسرعة تشبه سرعة توالي الأخبار وقصر نفسها. 
الهدنة الوحيدة والحقيقية هي الهدنة مع النفس، الحوار مع الطبيعة، في صلاة ومناجاة وفي طقوس تقليدية لا هواتف فيها ولا حرب تلاسن وتكدس آراء من كل حدب وصوب.. لا هدنة في العيد إلا مع النقاء الحقيقي، في نقاء النوايا وبساطة الدردشة وعفوية التفاعل وصدق المشاعر.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/hz8t4cs4

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"