عادي
سياسة تحديث الأحياء الشعبية غير كافية لاحتواء المشاكل

أسباب الشغب في فرنسا.. فشل سياسات الإسكان وانعدام المساواة والغضب الاقتصادي

18:26 مساء
قراءة 3 دقائق

باريس - (أ ف ب)

تراهن فرنسا بقوة منذ ثلاثين عاماً على «تحديث الأحياء الشعبية»، وهي سياسة مفيدة، لكنها غير كافية لاحتواء المشاكل، كما تشهد اليوم أعمال الشغب في المدن، برأي خبراء.

وتُظهر أعمال الشغب التي أثارها مقتل الفتى نائل البالغ 17 عاماً برصاص شرطي، أن مشاكل الأحياء الشعبية والضواحي متواصلة، ليس بسبب فشل «سياسة المدينة»، بل بسبب فشل السياسات الحكومية حول الإسكان، وفشل السياسة الوطنية لمعالجة انعدام المساواة، والغضب الاقتصادي المرتبط بالغلاء والتضخم.

ويُشار أيضاً إلى افتقار السياسات إلى الطموح. والمثال على ذلك رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2018 لتقرير يدافع عن سياسة للمناطق الحضرية «سياسة المدينة» تتمحور حول التربية والعمل ومكافحة التمييز، بما يتجاوز تحديث المدن المحض.

يقول يوان ميو الأستاذ المحاضر في جامعة غوستاف إيفل قرب باريس: «ثمة مَيْل إلى اعتبار أنه لا ينبغي استثمار مزيد من المال، بما أن سياسة المدينة تطبّق في هذه الأحياء».

سياسة المدينة

ودافع الوزير الفرنسي لشؤون المدينة أوليفيه كلين عن «سياسة المدينة»، مؤكداً أن سياسة المدينة تؤتي ثمارها، ولا يمكن القول بأنها غير فعالة.

وكان كلين رئيساً لبلدية كليشي-سو-بوا قرب باريس، حيث أثار مقتل مراهقين اثنين صعقاً في محوّل كهربائي احتميا فيه هرباً من مطاردة الشرطة في 2005، آخر موجة كبيرة من أعمال العنف في المدن. وترأس قبل دخوله الحكومة، الوكالة الوطنية للتحديث الحضري، وهي الهيئة الرئيسية لتطبيق «سياسة المدينة».

وفي أول برنامج لها بين عامي 2004 و2020، أنفقت الوكالة 12 مليار يورو، استخدمت خصوصاً في هدم صفوف الأبنية الشاهقة في الأحياء التي تحظى بالأولوية، لتشييد أبنية أصغر فيها.

وخصص مبلغ 12 مليار يورو إضافي لبرنامج ثانٍ يُنفذ حتى عام 2030.

واعتُمدت سياسة المدينة عام 1990 مع استحداث وزارة المدينة، وقد أتت يومها استجابة لأعمال عنف في فو-أن- فلان قرب ليون في وسط البلاد الشرقي.

مشاكل «الضواحي»

يقول سامي زيغناني عالم الاجتماع في جامعة رين-1 في غرب فرنسا: «أعمال الشغب في فرنسا بدأت في الثمانينات وأحدثت إدراكاً، فضلاً عن إدراج بند مشكلة الضواحي».

وتظهر أعمال الشغب التي أثارها مقتل الفتى نائل البالغ 17 عاماً برصاص شرطي، أن هذه المشكلة متواصلة.

ويُؤكد الشيوعي جيل لوبروست رئيس جمعية المسؤولين المنتخبين في المدن والضواحي: «هذا ليس ناجماً عن فشل سياسة المدينة، بل هذا فشل للسياسات الحكومية حول مسألة الإسكان، وفشل السياسة الوطنية في معالجة انعدام المساواة».

ويرى كثيرون أن ثمة غضباً اقتصادياً مرتبطاً خصوصاً بالغلاء والتضخم.

ارتفاع معدلات الفقر

ويشدد الشيوعي فيليب ريو رئيس بلدية غرينيي، أفقر مدن فرنسا القارية: «منذ عام 2005 ارتفع معدل الفقر بشكل كبير في غرينيي الواقعة قرب باريس، وسرّعت أزمة كوفيد والتضخم انعدام المساواة والظلم».

ويضيف: «سياسة المدينة هي السياسة الشاملة الوحيدة، فهي تشمل التربية والعمل والتدريب والثقافة، فضلاً عن الرياضة والعدل والصحة، لو لم تكن متوافرة لكان اقتضى استحداثها. إلا أنها فقدت زخمها راهناً. فيمكن إعداد الكثير من وثائق إكسل، لكن ذلك لا يُشكل سياسة عامة».

تحديث الأحياء

وتقول ستيفاني فيرميرش مديرة الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي: «التحديث غيّر وجه عدد لا بأس به من الأحياء، لكن على صعيد المدرسة والتمييز والحصول على عمل والعلاقة مع الشرطة فلم يتغير الكثير».

ويوضح يوان ميو: «هناك أيضاً وطأة التمييز النُّظمي الذي يواجهه جزء من سكان الأحياء الشعبية. من تدقيق بحسب الشكل، وصعوبة الإجراءات للوصول إلى خدمات قانونية، والتمييز في الحصول على مسكن شعبي ما يُخلف شعوراً بالظلم».

وتفيد ستيفاني فيرميرش قائلة: «عملياً يذهب الشخص إلى المدرسة في الحي، ومن ثم يدرك من خلال الأمثلة من حوله، أن المدرسة لا تفتح الأبواب أمامه بعد ذلك».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/45w4pepb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"