كسر حاجز «العيب»

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين
في الصيف لا نحب الحديث عن المدارس والدراسة والجامعات وفرص العمل.. نتوق بشدة إلى الراحة التامة، الإجازة بكل تفاصيلها وما يعزز نجاحها وضمان سعادتنا فيها.. لكن بيننا طلبة يأخذون استراحة بسيطة ليعاودوا نشاطهم سريعاً، إما لأنهم يستعدون للسفر لاستكمال الدراسة في الخارج، وإما للعمل على إنهاء المعاملات من أجل الالتحاق بالجامعات، وهو ما يحصل في كل مكان، وكل عام؛ إنما اللافت حديثاً هو ازدياد أعداد الشباب والبنات الساعين إلى اكتساب الخبرة في الصيف بالسعي إلى العمل وبشكل جاد.
يفرح القلب برؤية هؤلاء الطلبة الثانويين والجامعيين وهم يملأون الاستمارات، ويبحثون عن أي فرصة عمل «أونلاين»، أو على أرض الواقع، ولا يضعون شروطاً، ولا يستبعدون المطاعم والمقاهي من دائرة بحثهم، أياً كان حلمهم، وأياً كانت دراستهم، ومجال تخصصهم؛ يطرقون كل الأبواب، ولا يخجلون من العمل على خدمة الزبائن في المحلات والمطاعم، وفي ملاهي الألعاب، وفي الحضانات الصيفية.
كسروا حاجز «العيب» الذي كان يمنع كثيراً من شبابنا المتعلمين من العمل في أي مهنة، وأي وظيفة، ويفضلون الجلوس في البيت بانتظار الفرصة المناسبة، وعلى المقاس، ووفق التخصصات.. اتسعت دائرة تحررهم من قيود وهمية كانت تكبّل معظم شبابنا، وكنا نستغرب لماذا يوافقون على العمل في مطعم في لندن مثلاً، أثناء دراستهم هناك، ويخجلون من التجربة نفسها في بلدهم، أو في أي بلد عربي؟ تحرروا من هذه النظرة، وصار السعي نحو العمل مطلباً ورغبة حقيقية لدى المراهقين والشباب قبل الوصول إلى التخرج في الجامعة، وقبل الانطلاق بعيداً عن التعليم.
نفخر بهؤلاء المجتهدين الساعين نحو بناء مستقبلهم بشكل عملي، والانطلاق لمواجهة سوق العمل والتدرب، واكتساب الخبرة والاحتكاك بالناس، ومواجهة الصعاب والمشاكل، والتدرب على كسب لقمة العيش من عرق الجبين، وما تعنيه بجوهرها، وما تستلزمه من مجهود والتزام وتعب وتحمّل وصبر.
قد يجد بعض الأهل صعوبة في تقبّل فكرة السماح، لابنهم أو ابنتهم، بالعمل كنادل في مطعم، أو الجلوس على صندوق «الكاشير» في سوبرماركت، أو البيع في محال الملابس، وغيرها من الوظائف التي تفتح أبوابها لاستقبال الطلبة للعمل خلال الصيف، وهم مخطئون في ذلك، بل مهم جداً أن يشجعوا أبناءهم على سلوك تلك الطرق والبدء بالتدرب مبكراً على العمل كي يتحصنوا ويواجهوا الحياة ويتحملوا مسؤولية إتقان العمل ومسؤولية ما يجنونه من مال، وكيف وأين يصرفون كل قرش، ولا عيب في أي عمل، بل هو مكسب وخبرة وحصانة مبكّرة.
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2paxunmh

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"