«ترويض» الأحلام

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

من حلم إلى حلم أكبر، هل فكرت مرة أي حلم رافقك في مراحلك العمرية المختلفة، منذ طفولتك وحتى مراهقتك وشبابك، ثم اكتمال نضجك، ومن بعدها ما يسمونه «تقدمك في العمر»، أي تلك الأحلام كان الأكبر والأهم والأقرب إليك والأصلح، ليتحول إلى حقيقة؟ هل حلمك في الطفولة كان كبيراً أم أنك رأيته كبيراً وهو في الحقيقة صغير على مقاس سنين عمرك ووعيك؟ وهل هناك عمر للأحلام، لا تعد تصلح بعدها، فيتوقف عندها المرء عن الحلم؟

كل حلم مرتبط بالخيال، والخيال لا يعيش مرحلة ويرافقنا مدة ثم يموت، لا يمكنه أن يسبقنا إلى الغياب، بل هو يأخذنا إلى موعد الرحيل وما بعده، يحملنا إلى العالم الآخر، لنفكر في ما هو آت، يحيك لنا القصص عن عالم الغيب والمستقبل وعن الغد وما بعده، وعن الحياة وما بعدها، وكأنه الفرس الذي يسرع بنا في سباق الدنيا، لنعبر المراحل سريعاً، فيجعل الطفل يرى نفسه شاباً، بل رجلاً يبني مستقبله ويتزوج ويحقق النجاحات المتتالية، ويحمل الشاب على تخطي العثرات ليرى نفسه ذا شأن في المجتمع والكل يشيد بإنجازاته، ويقفز بالأم والأب إلى تصور شكل مستقبل أولادهما واستقرارهم وتخصصاتهم، ويتخطون الحاضر بأشواط بعيدة، ويقفزون بالحلم والخيال إلى ما هو أبعد من الأبناء فيتحدثون عن الأحفاد ومستقبلهم.

كل تلك القصور نشيدها في الخيال، قصور من أمنيات تلتقي مع أحداث تضاف إليها العزيمة، ويكللها التخطيط والسعي.. كل تلك المراحل نعيشها قبل أن نحياها، نعيشها في العقل، ونراها كشريط سينمائي يمر أمام أعيننا، قبل أن نحياها في الواقع ونلمسها، ونترجم تفاصيلها إلى حقيقة يراها كل الناس معنا.

يقول الآباء والأجداد والأمثال الشعبية المبنية على خبرات وحكمة من سبقونا، «على قدر بساطك مدّ رجليك»، لكن للواقع قولاً آخر، فهو يعلمك أن تمدّ أحلامك أبعد من البساط، كي تتمكن من القفز باستمرار فوق العراقيل، وتتخطى الإحباطات متسلحاً بالإرادة والعزيمة، وإذا شئت افرد البساط بعيداً كي تسعى إليه، وكي يشجعك على شحذ همتك للوصول إلى ما هو أبعد وأصعب.

جامح هو الخيال دائماً يطير بالحلم بعيداً، فتطير معه عالياً جداً في مراحل الطفولة والمراهقة والشباب، ثم تبدأ بشد الحبال نزولاً كي تروضه وتجبره على التحلي بالصبر والهدوء، فهل الهدوء من علامات التقدم بالعمر أم من تراكمات الخبرة والتجارب، ومواجهة «مفاجآت» الحياة؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/cba6cr2p

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"