إعلام «خراب البيوت»

23:10 مساء
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

كل اللوم على المذيعة، كيف تتجرأ وتخرج عن إطار الأدب وتسمح لنفسها بالتقليل من شأن الرجال بتشبيههم بالخرفان في «تويتة» كتبتها على صفحتها الشخصية؟ القناة التي تعمل فيها المذيعة رضوى الشربيني أحالتها فوراً إلى التحقيق، حسناً، لكن من يحيل القناة نفسها إلى التحقيق بسبب ما تقوله تلك المذيعة في برنامجها المعروض لجذب ملايين المشاهدين، وتهاجم فيه بشكل واضح ومباشر الرجال، وتحرّض النساء على الأزواج، من أجل أن تكون هي والبرنامج «ترند»؟ أليس هو نفس الخط الذي تنتهجه مقابل الخط المعاكس لزميلتها ياسمين عز التي تقلل من شأن النساء، ممارسةً نفس لعبة التفرقة بين الأزواج؟

لا يمكن فصل ما تمارسه رضوى وياسمين عن السياسة التي تنتهجها تلك القنوات وغيرها، والتي تسعى من خلالها إلى كسب المشاهدين والمتابعين من خلال «خالف تُعرف»، والاختلاف هنا للأسف هو عبر خلق منافسة «غير شريفة»، باعتماد حوار غير مهني ولا يليق بالإعلام ولا بالشاشة ولا يرتقي بذائقة الجمهور، بل على العكس يحرّض على التمييز العنصري، والتفرقة بين النساء والرجال و«خراب البيوت»، فأي حوار إعلامي راقٍ هذا، الذي تتعمد فيه المذيعة إهانة الرجال من أجل إعلاء شأن النساء؟ وأيّ بطولة في الانحياز للذكور وجعل كل النساء «جواري» ما عليهن سوى الطاعة وإرضاء «سي السيد»؟!.

صحيح أن لكل عصر لغته، لكن الاحترام واللياقة واللباقة من أهم أدوات المذيع في كل العصور، فلماذا ترضى بعض القنوات بالنزول بمستوى الكلام إلى أزقة العشوائيات وخلق فتنة في البيوت؟ لكل عصر لغته.. نعم، لكن كيف ترضى بعض القنوات أن يكون لديها مذيعة كل هدفها إثارة الجدل بكلام مهين لفئة من الناس ولجنس من البشر؟ إلى أين ستصل بهكذا برنامج وهكذا حوار وتوك شو وإثارة وفتنة؟.

قبل سنوات، وتحديداً في الستينيات، قدّمت المذيعة الجميلة الرقيقة الراقية ليلى رستم برنامج «نجمك المفضل»، الذي حاورت فيه أشهر نجوم ذلك الزمن، وكل زمن، وفي إحدى الحلقات أثارت الجدل دون قصد منها؛ حيث استضافت النجم أحمد رمزي، وكان في عزّ تألقه، بل كان نموذجاً يقلده الكثير من الشباب بطريقة لبسه وإبراز عضلاته وبقميصه المفتوح على صدره والمثنيّ الكُمّين، وإذا أردنا تشبيهه بلغة اليوم نقول إنه كان «ترند»، وموضة قلده فيها الشباب. جلس رمزي يتحدث بعفوية وأدب، فسألته المذيعة عن سر القميص المفتوح والسلسلة التي يضعها في عنقه وفيها خرزة زرقاء، فأجابها بأنه يحب ارتداء القميص بهذا الشكل، وأن الخرزة من زوجته لترد عنه العين، فعلقت المذيعة بشكل عفوي «ياختي عليه»، وقتها صار التعليق بتلك الكلمتين «ترند»، وقامت الدنيا وهاجت وماجت على خروج المذيعة عن حدود الرد التقليدي، وقولها «ياختي عليه»!. لم يتقبل الجمهور ذلك التعليق، واستغربه لشدة تعوده على سماع الكلام المنمق والمدروس، والحوار الشديد التهذيب الذي يبدأ ب«حضرتك» وينتهي ب«يافندم»، وما بينهما من لغة لا تحيد عن احترام الضيف والجمهور والعائلة والبيوت التي تستضيف تلك القنوات وبرامجها ولو أنملة. فأين نحن من ذلك الحوار والأدب والرقي؟.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yrry362p

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"