الفضول يغرينا

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

المغريات التي تقدمها صفحات التواصل الاجتماعي كثيرة جداً، والكثير منها يدخل ضمن دائرة الترويج التي كنا نعرفها سابقاً تحت اسم «إعلان»؛ فالإعلانات اتخذت أشكالاً مختلفة مع تطور العصر، ولم تعد محصورة على شركات معروفة وتحت بند الدعاية الصريحة والواضحة، بل صار أي إنسان قادراً على دعم منتج أو مكان أو مطعم أو حتى حدث أو سهرة أو فنان.. من خلال تصوير نفسه في المكان أو مع المنتج، والحديث عنه بأنه الأفضل والرائع والباهر، ويسهل عليه إقناع المتابعين لأنه يدخل تحت بند «التجربة خير برهان» و«اسأل مجرب..».
الفضول يغرينا لتجربة هذا المتجر وشراء هذا المنتج وتذوق هذا الطعام.. لكن المشكلة الحقيقية حين تغرينا تلك الصفحات لنتبع حمية معينة ونأكل هذا ونمتنع عن ذاك، ونأخذ هذا الدواء ونتجنب آخر.. حتى النصائح الطبية والتجميلية تطاردك كلما تصفحت إنستغرام أو فيس بوك. 
قرأنا عن دراسة بحثية تحذر من «انتشار الأخبار الطبية الكاذبة والمضللة عبر قنوات التواصل الاجتماعي»، طبعاً الخبر معروف وليس جديداً، إنما الجديد فيه هو معلومة أن الأدلة البحثية أكدت وجود تفاعل متزايد مع الأخبار التي شملتها الدراسة بلغ أكثر من 450 ألف مرة في إطار زمني مدته 5 سنوات، وهذه الأرقام كارثية، وإن لم تكن مفاجئة!
زادت الظاهرة بلا شك بعد انتشار «كوفيد-19»، واعتمادنا على التواصل الاجتماعي، وعلى البحث عن معلومات طبية جديدة ومؤكدة، وزاد من تعلقنا بالإنترنت وتكاثر رواد السوشيال ميديا والمؤثرين، وصار المعروض أكثر بكثير مما نحتاج إليه في حياتنا اليومية. 
الدراسة تحذر من المعلومات الطبية الخاطئة التي يتم الترويج لها، والتي نتعرض لها باستمرار ويمكن تصديقها بسهولة، لكن ماذا نقول عن الخبر الذي يشكل صدمة أكبر، وقد جاءنا من أمريكا ومن إحدى أهم الجامعات فيها «ستانفورد»، والتي تعد ثالث أكبر جامعة في العالم، عن احتمالية تورط رئيس الجامعة مارك تيسيير-لافين، وهو عالم في علم الأعصاب، في أبحاث احتيالية حول أوراق طبية بحثية شارك في تأليفها، تتعلق بمرض الزهايمر، والحقائق التي توصل إليها، وكتب عنها الطالب في «ستانفورد» والكاتب في مجلتها تيو بيكر، ما أجبر رئيس الجامعة على الاستقالة من منصبه بتهمة الاحتيال والتلاعب في الأبحاث العلمية.
من نصدق وكيف علينا قراءة المعلومة الطبية؟ سهل علينا الابتعاد عن «نصائح» المؤثرين والباحثين عن الشهرة على السوشيال ميديا وأن نتجنب تصديقهم، وكل المغريات التي يقدمونها بدوافع تعود عليهم بالربح المادي أو باكتساب أعداد من المتابعين وهدايا من العلامات التجارية التي يروجون لها، لكن كيف نهرب من فخ الغش حين يأتي تحت مظلة طبية وبحثية ومن عقر دار أهل العلم والطب؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ta9xacj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"