رسائل من خارج الكوكب

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

الإمارات «الوطن الغالي» من الفضاء، تحية لبيروت من الفضاء، باريس تتلألأ من أعلى.. رحلة فريدة ومميزة لم نتخيل أننا سنحظى بفرصة المشاركة والاستمتاع بها لولا الرسائل التي بعثها رائد الفضاء سلطان النيادي طوال الأشهر الستة التي قضاها خارج كوكبنا. 
كان الحدث في عيوننا أن يكون لنا رائد فضاء عربي يخرج في مهمة علمية ويشارك في الأبحاث بجانب رواد الفضاء المنطلقين من الأرض إلى «العالم الآخر» الذي ما زلنا ننظر إليه بانبهار واستغراب ونرسمه في خيالنا بألف شكل ولون، ونصنع له ألف حكاية وأسطورة.. ثم اكتشفنا أن الحدث هو أكبر وأبعد من تلك اللحظة، هو كل يوم مر على النيادي منذ انطلاقه في المهمة بسلام، وكل تجربة قام بها خلال الأشهر الممتدة والتي ستنتهي مع عودته إلى الأرض سالماً يوم الأحد المقبل إن شاء الله، والحدث هو كل معلومة جديدة بعثها أو أكدها لنا النيادي وكل فيديو أرسله من عالمه الخارجي وكل رسالة وتحية بعثها في صورة ولقطة ومشهد رأينا فيها شكلاً من أشكال كوكبنا ودولنا وعواصمنا. 
 قد تبدو بسيطة حركة سلطان النيادي وهو يضع العسل على قطعة الخبز ليتناوله، لكنها كانت كافية لتلفت أنظار الناس وتنال إعجابهم على السوشيال ميديا، ونكتشف المعنى الحقيقي للجاذبية وفقدانها، وتأثيرها في كل شيء حتى قطرة المياه. 
عشنا معه تجارب لم نكن لنعرفها أو نراها بهذا الشكل لولا وجوده من ضمن فريق ناسا، ولم نكن لنشعر بأننا بتنا نفهم أكثر عن عالم الفضاء والفرق بين الغلاف الخارجي والأرض التي نعيش عليها، ولم نكن لنرى ونلمس أهمية التجارب العلمية (أجرى النيادي أكثر من ٢٠٠ تجربة) وكل المهام التي يخوضها رائد الفضاء والمخاطر التي يتعرض لها والتغيرات التي يواجهها والتي تؤثر مباشرة على بدنه وذهنه، والتي بسببها يتناول وجبات غذائية محددة ويمارس رياضة المشي، وزد عليها خضوع النيادي شخصياً لتجارب علمية مهمة تساهم في تطوير الأبحاث العلمية لمعرفة التغيرات التي يتعرض لها رواد الفضاء منها تأثير الجاذبية الصغرى على النوم، ثم دراسة مُسببات الأمراض في الفضاء. 
 كنا نتخيل رائد الفضاء ينتقل إلى الفضاء، ويزور القمر، ويقترب من الكواكب وكأنه سائح يستمتع بالتحليق عالياً وبالتحليق بلا جاذبية داخل المركبة الفضائية، واكتشفنا مع سلطان النيادي أن رائد الفضاء يتعلم مهارات كثيرة، ويتدرب على التعامل مع الطوارئ حتى الصحية منها وكأنه عالم، وطبيب، وباحث، ومستكشف، ومتطوع، وفنان. 
 الثالث من سبتمبر يعود ابن الإمارات وتنتهي رحلته دون أن تنتهي مهمته، ودون أن تنتهي سعادتنا به وبكل المعلومات التي أفادنا بها، وسيستفيد العالم والعلم بها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mryedd7v

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"