اتفاقية الحبوب التي كانت!

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يراهن على علاقته الطيبة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاقناعه بالعودة إلى اتفاقية تصدير الحبوب التي انسحبت منها روسيا في 17 يوليو/ تموز الماضي، لأن الغرب «خدع» روسيا عندما لم يلتزم بتنفيذ بنود الإتفاقية منذ بدء تنفيذها في مطلع آب (آغسطس) من عام 2022، كما يقول الرئيس بوتين. 

 لكن كان من الواضح بعد لقاء سوتشي الذي جمع الرئيسين قبل أيام أنه لم يؤدِ إلى النتائج التي كان يطمح إليها أردوغان، ذلك لأن بوتين ظل متمسكاً بموقفه الرافض للعودة إلى الاتفاقية قبل تنفيذ شروط بلاده والإيفاء بالالتزامات تجاه بلده، ومن بينها رفع الحظرعن توريد قطع الغيار للمعدات الزراعية، وإعادة استخدام البنك الزراعي الروسي لنظام المدفوعات العالمي «سويفت».

 روسيا ترى أنها ليست مضطرة لتقديم تنازلات مجانية طالما تجد نفسها محاصرة بعقوبات غربية تمنعها من تصدير منتجاتها في حين تتمكن أوكرانيا من تصدير الحبوب بحرية وفقاً للاتفاقية التي لا يتم فيها تنفيذ الجزء الخاص بها.

 ووفق تقارير أممية وأوكرانية رسمية، فإن أوكرانيا صدّرت منذ بدء العمل بالاتفاقية 50.6 مليون طن من الحبوب، بما قيمته 9.8 مليار دولار، ومع توقف الاتفاقية فإنها ستخسر ما يصل إلى 500 مليون دولار شهرياً.

 الرئيس التركي الذي مهّد للقاء مع الرئيس بوتين، بزيارة قام بها وزير خارجيته هاكان فيدان إلى موسكو، لم يحمل معه إلى سوتشي أية مقترحات تقنع بوتين بتعديل موقفه، كما لم تقتنع موسكو بالمقترحات التي تقدم بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لإحياء الاتفاقية لأنه «لا جديد فيها وغير مجدية»، ولم تأخذ في الاعتبار شروطها والضمانات التي تطلبها.

 يبدو أن الرئيس التركي أدرك أنه ما لم تتقدم الدول الغربية وخصوصاً أوكرانيا خطوة باتجاه تلبية الشروط الروسية فإن تجديد الاتفاقية يبدو مستحيلاً، لذلك دعا كييف إلى اتخاذ «خطوات أكثر مرونة»، لكن الأخيرة ردت بالرفض من خلال ميخايلو بودلياك مستشار الرئيس زيلينسكي الذي قال «لن نقبل سياسة الترضية»، وهكذا عادت الأمور إلى نقطة الصفر، لكن أنقرة أحد رعاة الإتفاقية لم تستسلم، وأشارت إلى أنها ستبقى على تواصل وثيق مع غوتيريس بشأن إمكانية إحياء الاتفاق، كما أنها ستطلع الدول الغربية على نتائج محادثات أردوغان وبوتين.

 ومع ذلك، كان لقمة سوتشي وجه إيجابي، وهو الاتفاق على مشروع لتوصيل الحبوب الروسية إلى الدول المحتاجة، وخصوصاً في إفريقيا، إذ أعلن الرئيس الروسي عزم بلاده تزويد ست دول أفريقية بالقمح مع تحمل تكاليف نقلها، على أن تبدأ وفود روسية وتركية مناقشة التفاصيل خلال أيام.

 أما استئناف العمل باتفاقية الحبوب فقد وصلت إلى طريق مسدود، وتحتاج إلى مقاربات جديدة غير متوفرة حتى الآن.. ولا يهم إن فقد فقراء العالم رغيف الخبز.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3at4ht3w

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"