الإمارات ومجموعة العشرين

00:21 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

تواصل دولة الإمارات حضورها الدولي اللافت الذي يعكس قوتها، ومكانتها الاقتصادية والسياسية، والأدوار الكبيرة التي أضحت تقوم بها على المستويين الإقليمي والعالمي.

 فبعد نجاحها في الانضمام إلى مجموعة «بريكس» التي حرصت، في سعيها للتمدد، على ضم الدولة ذات الوزن الاستراتيجي الكبير في المنطقة والعالم، فإن مجموعة العشرين اتجهت هي الأخرى نفس الاتجاه بضم الدولة ذات الوزن الاستراتيجي والاقتصادي إليها. وفي هذا الصدد فقد شاركت الإمارات في القمة الثامنة عشرة، للمجموعة التي انعقدت في العاصمة الهندية نيودلهي الأسبوع الماضي، بصفة ضيف شرف. وقد شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أعمال هذه القمة، على رأس وفد ضم العديد من كبار المسؤولين في الدولة. وعلى هامش القمة أعلن الرئيس الأمريكي بايدن، أمام قادة قمة العشرين، ممتناً لصاحب السمو رئيس الدولة، وذلك أثناء الإعلان عن مشروعات الممر الاقتصادي لربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا:‏ «شكراً.. شكراً.. شكراً.. لا أعتقد أننا سنكون هنا لولاك».

 وقد حرص العديد من زعماء القمة على لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد. وقد تبادل سموه مع مختلف القادة والزعماء القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين الإقليمي والعالمي، خاصة ما يتعلق بالاقتصاد والاستدامة والتغير المناخي، إضافة إلى قضايا السلم والأمن العالمي.

 ومجموعة العشرين من أهم المجموعات الاقتصادية في عالم اليوم؛ لأنها تضم أكبر عشرين اقتصاداً في مختلف مناطق العالم، وهي بهذا الشكل تعتبر مجموعة دولية تمثل مختلف أنحاء العالم، بخلاف مجموعة السبع التي تمثل طيفاً واحداً من الدول، هو ما يسمى «الدول الأكثر تصنيعاً»، وقد لعبت مجموعة العشرين أدواراً رائدة، لا سيما خلال الأزمة المالية عام 2008، حيث عُقدت القمة في واشنطن ذلك العام، وقد اتفق خلالها قادة المجموعة على مبادئ مشتركة، لإصلاح الأسواق المالية العالمية، وإطلاق خطة عمل لتنفيذها. ومن ثم واصلت قمة لندن، في العام التالي، التركيز على الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها.

 وقد تم تصنيف المجموعة بأنها «المنتدى الأول للتعاون الاقتصادي الدولي». وظهر دور المجموعة خلال جائحة «كورونا»، حيث أكد قادة دول المجموعة، في القمة التي انعقدت في المملكة العربية السعودية، التزامهم بتكوين «جبهة موحدة»، متعهدين بضخ خمسة تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي «بهدف مكافحة الآثار الصحية والاجتماعية والاقتصادية والمالية لجائحة كورونا». وبسبب تلك الجهود الدولية الكبيرة فقد تعافى العالم من تلك الأزمة، وتمكن الاقتصاد العالمي من مواصلة نموه، رغم الخسائر الهائلة التي لحقت به من جراء الإجراءات الصحية القسرية التي تم اتخاذها على الصعيد العالمي من قبل منظمة الصحة العالمية، لمواجهة الجائحة والقضاء عليها.

 لا شك أن مشاركة دولة الإمارات في قمة نيودلهي سوف تضيف قيمة لهذه المجموعة، لما تمثله الإمارات من قوة اقتصادية كبيرة. فقد أظهرت التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي للدولة للعام الماضي الصادرة عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، متانة الأداء الاقتصادي للدولة، وتحقيقه نسب نمو إيجابية تجاوزت تقديرات المحللين والمؤسسات الدولية المتخصصة، حيث بلغ الناتج المحلي بالأسعار الثابتة 1.62 تريليون درهم، محققاً نمواً إيجابياً قدره 7.9%، بينما بلغ بالأسعار الجارية 1.86 تريليون درهم بزيادة تجاوزت 337 مليار درهم، ما يعكس حكمة السياسات الاقتصادية التي تنتهجها القيادة الحكيمة، ويؤكد متانة ورسوخ الاقتصاد الإماراتي في ظل ما يمر به العالم من صراعات بين القوى الدولية الكبرى، التي تركت آثارها السلبية على المشهد الاقتصادي الدولي بشكل عام.

 قَدر الإمارات العربية المتحدة أن تكون دولة محورية ومؤثرة، ولعل ثقلها الدولي وواجباتها والمسؤوليات الملقاة على عاتقها مما تنوء بحمله كبار الدول، أضف إلى ذلك حجم التحديات والمتغيرات، وما تمور به مناطق العالم من أحداث واضطرابات، ومع ذلك استطاعت الدولة أن ترتقي لمستوى التحديات، وذلك بفضل القيادة الحكيمة التي تتبع سياسة متأنية، ورؤية تستشرف المستقبل، وبرهنت على قدرتها وحضورها العالمي في كافة المنظمات والمنتديات الدولية والعالمية، وما اللقاءات التي عقدها سموه مع قادة وزعماء مختلف دول العالم على هامش القمة إلا تقديراً لمكانة الزعيم القائد للدولة الرائدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4thcydkr

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"