«سيرك» الانتخابات الأمريكية!

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ربما للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تخرج حملات المرشحين عن سياقها في طرح القضايا الداخلية والخارجية المتعلقة بسياسات الإدارة الأمريكية في معالجة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبنى التحتية المتهالكة، والتوجهات العنصرية المتفاقمة من جانب اليمين المتطرف، والانقسام الحاد في المجتمع الأمريكي، إضافة إلى العلاقات الدولية ووسائل مواجهة التحديات المتعلقة بالصراع على قيادة النظام الدولي، وانحدار مكانة الولايات المتحدة في مجرى هذا الصراع.

 تأخذ الحملات الانتخابية بين الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب، وهما المتنافسان المرجحان على المنصب خلال العام المقبل، مساراً كاريكاتورياً أشبه ب«السيرك» أو المسرح الهزلي المفتوح، حيث تحضر القضايا الشخصية على شكل «الردح» أو السخرية، لإثارة جمهور الناخبين الذين يروقهم الاستماع إلى «النكات» و«القفشات» والحركات الهزلية، التي يبدو أنها تُستخدم وسيلة لرفع الرصيد الانتخابي، خصوصاً لدى الرئيس السابق الذي يستخدم موهبته في تلفزيون الواقع الذي برع فيه، وتحديداً في برنامج «المبتدئ» من تأليف المنتج الإنجليزي مارك بورنيت، ومن تقديم ترامب والذي استمر عرضه 15 موسماً حتى عام 2017، والذي حقق لترامب أرباحاً طائلة، وشهرة أوصلته إلى البيت الأبيض.

 كان ترامب يصف الرئيس بايدن ب«جو النعسان»، ويبدو أن هذا الوصف انتهى مفعوله، وبدأ يأخذ منحى شخصياً أكثر، من خلال انتقاد حركاته وزلات لسانه، ويأخذ عليه كبر سنه، رغم أن بايدن أكبر من ترامب بثلاث سنوات فقط.

 في آخر مشهد هزلي قدمه ترامب أمام ناخبيه، حين وقف على المسرح في ولاية كاليفورنيا، وأخذ يلتفت يميناً وشمالاً ويقول «أين أنا؟» في إشارة إلى بايدن، ويضيف: «انظروا هذه منصة، لم أرها من قبل، ولكن لو مشيت يساراً يوجد سلم.. ولو مشيت يميناً يوجد سلم، ومع ذلك أقف وأقول: أين أنا؟ أين أنا؟» وسبق لترامب أن عرض خلال خطاب عام بولاية أريزونا في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مقطع فيديو ساخر مدته دقيقتان، لزلات لسان بايدن، الذي ارتكب هفوات لفظية، مثل ذكر اسم ميشيل زوجة الرئيس أوباما على أنها نائبته، وليست كمالا هاريس، كما أخطأ في نطق اسم الرئيس بوتين، وخلط بين كلمتي «تطعيم وتصعيد»، وبين سوريا والعراق وليبيا وإيران. وفي يوليو/تموز الماضي نسي توقيع وثيقة لدعم المصنعين الأمريكيين.

 حتى أن مرشحي الحزب الجمهوري لم يسلموا من لسان ترامب الذي يرفض المشاركة في حملاتهم الانتخابية، فقد أشار إلى المرشح الجمهوري حاكم فلوريدا رون ديسانتيس بالقول «أنا الذي أعاد اللون الأحمر إلى فلوريدا وليس أنت.. ومن دوني لكنت ميتاً». أما كريس كريستي الحاكم السابق لولاية نيوجيرسي فوصفه «بالخاسر».

 من جانبه حاول الرئيس بايدن الرد على ترامب، ولكن ليس بنفس المستوى والأسلوب، إذ اتهمه «بتهديد الديمقراطية الأمريكية والدستور والمؤسسات السياسية»، كما علق على صورة ترامب وهو في سجن مقاطعة فولتون بجورجيا بالقول متهكماً إنه «رجل وسيم ورائع».. إنها «انتخابات كوميديا سياسية» سوف تستمر أكثر من عام متنقلة على مسارح كل الولايات الأمريكية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx8jffx

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"