لن تملك الأرض وما عليها

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

صراع، نزاع.. اختر من اللغة ما شئت من المفردات المرادفة لما يشهده العالم بمختلف اتجاهاته من تمزّق وحروب وتهجير وقتل.. وكأن الكرة الأرضية لم تتسع يوماً للإنسان وأطماعه، فظلت عينه تنظر إلى ما لا يملكه بين يديه، وظل يحسب أنه الأقوى والأجدر والأحق في الحصول على كل شيء والسيطرة على كل ما ومن حوله.

الإنسان «الإنسان»، ذلك الذي خلقه الله ليعمّر الأرض، وخلقه ليبني ويزرع ويحصد ويزيد الحياة حياة مفعمة بالبهجة والعمل والخير، بات يصارع من أجل إسكات صوت الطمع والحقد والعنصرية والبغض.. تلك الأصوات التي تطغى وتعلو وتتجبّر فتفرض إرادتها على البشر جميعاً، وكأنها تقسمهم إلى فريقين، فريق يخطط ويرسم ويقسّم ويفرز العالم والدول والبشر وفق أهوائه، وفريق يتلقى الضربات ويواجه الأزمات ويعيش مرارتها ولا يملك سوى سلاح السلم بين يديه والإيمان المطلق باحترام الإنسان وحق الحياة وحب الخير والعيش بأمان.

تعلمنا أن السياسة تعني القيادة بحكمة، وعلمونا حتى في تعاملاتنا مع الآخرين ومع من هم أصغر منا أو أقل فهماً ووعياً وإدراكاً أن «نسايسهم» أي أن نتحلى بالصبر والحكمة والحنكة ونتحاور كي نقنعهم بما هو صواب؛ وحسبنا أن أهل السياسة كلهم من نوعية الحكماء القادرين على قيادة دول وشعوب، ومن خلالهم يتقرر مصير ملايين البشر بل تشعر بأن حركة الأرض وكل ما عليها تتأثر بقراراتهم، لكننا مع كل «هزة وصدمة أمنية» نكتشف أن بعض القادة تطغى رعونتهم على قراراتهم وتصرفاتهم، فلا حكمة ولا حنكة ولا سياسة تسبق مخططاتهم وخطواتهم، والمصيبة أن شعوبهم والمناطق المحيطة بهم تدفع الثمن غالياً في كل مرة يسوقهم فيها تعنتهم إلى استخدام العنف حلاً أو وسيلة.

لا صوت يعلو فوق صوت السلم، ولا صوت يعلو فوق صوت الحق، لكن للأسف، أصوات الحروب تعلو فتصمّ آذان قادتها والمؤيدين لهم؛ عنف في عنف فدمار فتمزّق يدفع ثمنه الجميع، ولا تحسب أن ما يحصل في الشرق لا يتأثر به الغرب والشمال والجنوب وكل بقعة على وجه كوكبنا، ولا تحسب أنه لا يخترق عنان السماء ويهتز له قلب الأرض!.

مسكين أيها الإنسان حين تفقد إنسانيتك ويعميك غرورك فتكبر ذاتك وتتضخم لتوهمك بأنك ملكت الدنيا وما فيها والأرض وما عليها؛ مسكين أنت ومخدوع إذا لم تدرك بعد أنك لست خالداً ولن تكون، وما تطمع فيه اليوم وتسرقه من أخيك الإنسان ستدفع ثمنه عاجلاً أم آجلاً حتى ولو كان بحجم لقمة ورغيف، وكل صراع يدفع ثمنه الأبرياء، سيبقى وصمة عار على جبينك.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2vfhkptv

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"